المخدرات والصحة النفسية في ورشة عمل على مدرج صحة اللاذقية

الوحدة – هدى سلوم

بمناسبة اليوم العالمي للصحة النفسية أقامت مديرية صحة اللاذقية بالتعاون مع جمعية دوبامين للتنمية ورشة عمل تخصصية بعنوان “المخدرات والصحة النفسية وقاية علاج تعافي” على مدرج المديرية، حيث قدّم الدكتور خليل آغا مدير الصحة كلمة الافتتاح مرحباً بالسادة الحضور مع الشكر والتقدير للقائمين على هذه الورشة. كما شدد على المعنيين للعمل على إحداث مركز لمعالجة المدمنين في اللاذقية، حيث أكد على وجود متعاطين في المحافظة تحت سن العشرين، وهي مشكلة حقيقية تستوجب العلاج، وأشار إلى ارتفاع ملحوظ في خدمات المشفى الوطني التي تجاوزت 80 %.
وقدّم السادة المشاركون من أطباء ودكاترة  بحوثهم ومحاضراتهم، وهم الدكتور محمود عديرة رئيس شعبة الصحة النفسية في مديرية صحة اللاذقية، حيث تناول في حديثه محورين، وهما مفهوم الإدمان وأثره على الصحة النفسية والسلوك الاجتماعي، والعلاقة بين الاضطرابات النفسية وتعاطي المخدرات، وأشار فيهما إلى عدد من المفاهيم منها الصحة النفسية، والإدمان، والمخدرات وأنواعها. كما تطرق في حديثه إلى العلاقة بين الإدمان والحالة النفسية، وعرض مشكلات الصحة النفسية التي تؤدي إلى الإدمان، والاكتئاب، والقلق، واضطرابات مابعد الصدمة.
وقدمت الدكتورة صفاء صبح جامعة اللاذقية   محاضرة بعنوان “الإدمان والاكتئاب” سلطت الضوء على العلاقة بين الإدمان والاكتئاب، وأكدت على أن الواقع يشير أن هناك بيئة خصبة للإدمان والاكتئاب في سورية، وأشارت إلى أن الإدمان هو اضطراب مزمن ومعقد يؤثر بعمق على الدماغ والسلوك، وله انعكاسات عديدة على حياة الفرد والمجتمع. أما الاكتئاب فهو اضطراب مزاجي نفسي يسبب شعوراً مستمراً بالحزن العميق، وتراجع في الدافعية والطاقة، والاضطراب المزدوج هو تزامن وجود اضطراب نفسي مع اضطراب الإدمان مما يجعل التشخيص والعلاج أشد تعقيداً، والعلاقة بين الاكتئاب والإدمان إن وجدت إحدى الحالتين فبالضرورة أن تكون الحالة الأخرى موجودة.
ونوّهت إلى علاج التشخيص المزدوج، والتقييم الطبي والنفسي الشامل، والتركيز على العلاج المتكامل والعلاج السلوكي المعرفي، وإدارة الأعراض الانسحابية من الإدمان، والعلاج الدوائي المتوازن، والعلاج الجماعي والدعم النفسي، والاستشارة النفسية الفردية، والوقاية من الانتكاس، والمعالجة المستمرة، والعلاج طويل المدى.
وتحدث الدكتور عبد الفتاح الحميدي رئيس مجلس إدارة جمعية دوبامين للتنمية في محورين استراتيجيات الوقاية المجتمعية وبرامج التوعية النفسية، ودور الدعم النفسي والاجتماعي في تعزيز التعافي والاستقرار، حيث استهل في بداية حديثه قائلا: مسؤولية تعاطي المخدرات هي مسؤولية الجميع، وبمناسبة اليوم العالمي للصحة النفسية تأتي هذه الورشة ونحن نتحدى كل الأحداث والظروف ليكون أول مشروع لجمعيتنا هو التوعية، إذ أن العالم كله يحارب المخدرات فهي آفة عندما نتحدث عن التعاطي يمكن عندها أن نعرّج على الانتحار فمتعاطي المخدرات يتحسن عنده هرمون السعادة (سعادة مصطنعة) وتزداد ليشعر فيها بأن حياته لا قيمة لها، وأيضاً يمكن أن يؤدي للجريمة (قتل أو سرقة أو ..)، ويمكن أن يصاب باعتلالات عصبية وخلل يؤثر على الدماغ، الاضطرابات الازدواجية  الذهانية والعقلية يمكن أن يرى أو يسمع أشياء غير موجودة  تهيؤات وهلوسات.
وأوضح د. الحميدي معايير الصحة النفسية المتمثلة في العلاقات الاجتماعية، والصحة الجسمانية، والمعيار النفسي هو الخلو من الاضطرابات النفسية والعصابية والسلوكية والذهنية، وأشار إلى البرامج المقدمة للمدمن، وكيفية التعافي النفسي، فقال: نعالج حالات الإدمان من الجانب الروحي والعقلي والنفسي الجسدي والعائلي والاجتماعي والمهني والمالي، واستعرض الدكتور  عبد الفتاح  بعض التجارب الواقعية ليوضح منها المسببات والعلاج.
وتحدث الدكتور يوشع عمور في إطار الأساليب الحديثة في علاج وتأهيل المدمنين، حيث أشار إلى أن الإدمان لم يعد ينظر إليه على أنه مجرد ضعف في الإرادة أو فشل أخلاق، بل كاضطراب دماغي مزمن حسب تعريف الجمعية الأمريكية للإدمان، وذكر بعض الأدوية كعلاج في الإدمان على الكحول، وفي محور آخر تناول في حديثه التطبيقات والعلاج الرقمي والتحفيز العميق للدماغ والتحفيز المغناطيسي، والعلاج المتكرر، والعلاج بالواقع الافتراضي، واستعرض دراسة حديثة للوصول إلى الخلافات منها الوصمة، التكلفة، واختتم حديثه عن تفاقم آفة المخدرات، وكميات تصنيعها بالأرقام.
الدكتورة ندى الساحلي كلية التربية جامعة اللاذقية تحدثت في محور آخر عن دور القطاع التعليمي في الحد من انتشار المخدرات، وأهمية التعاون بين القطاعات الصحية والتعليمية والمجتمعية للحد من آفة المخدرات، لتبدأ بقولها: يعتبر القطاع التعليمي حجر الأساس في الحد من انتشار المخدرات لاتصاله بالفئات الأكثر عرضة المراهقين والشباب، فالجامعات والمدارس هي أيضاً مؤسسة صحية مجتمعية دورها تعليمي وقائي.
وأشارت الساحلي إلى الأدوار الرئيسية للقطاع التعليمي منها إدماج مفاهيم الصحة النفسية، والوقاية من المخدرات في المناهج الدراسية، وتطبيق برامج مهارات الحياة التي تركز على مهارات ضبط الذات، وتقديم المعلومة بعيداً عن الترهيب والتزييف، وإقامة ورشات عمل عن مواجهة ضغط الأقران،بالإضافة إلى إقامة مسابقات فنية ومسرحية توعوية، وتنظيم ندوات توعية بالتعاون مع وزارة الصحة والجمعيات المعنية، إلى جانب تدريب المرشدين النفسيين، وتفعيل نظام إحالة واضح، وإشراك الأسر في التوعية والتوجيه عبر اجتماعات دورية، والتعاون مع المجتمع المدني والإعلام المحلي، تنظيم أنشطة لاصفية.
واستعرضت د. الساحلي أهمية التعاون بين القطاعات الصحية والتعليمية والمجتمعية، و التعاون متعدد القطاعات، وتبادل المعرفة والبيانات، وتكامل الأدوار المتابعة، مشيرة إلى الآليات العملية لبناء شراكة فعالة بين القطاع التعلمي والصحي، وتأسيس الإطار التنظيمي للشراكة، وإعداد مذكرة تفاهم ثلاثية قاعدة بيانات مشتركة، منصة تواصل شهرية، وإعداد وتدريب المدرسين المرشدين، وإشراك طلبة الجامعات، وتأهيل فرق عملية شبابية، وتصميم برامج وقائية مشتركة، ومتابعة مستمرة، وبناء شراكات تمويلية مع برامج وطنية، وعرض قصص نجاح محلية، لتختتم بقولها: أثبتت التجارب الدولية أن الوقاية تبدأ من الصف الدراسي، وكل ساعة تعليمية موجهة نحو المهارات الحياتية والوعي توازي سنوات من العلاج لاحقاً.
وفي ختام الورشة قدّم السادة الحضور جملة من المداخلات والاستفسارات التي زادت من أهميتها وأغنت محاورها.

تصفح المزيد..
آخر الأخبار