الوحدة -د. رفيف هلال
تتربّع مدينة جبلة الساحلية على خارطة الحضارة السورية كجوهرة أثرية تروي فصولاً من التاريخ القديم، ويُعدّ مسرحها الروماني من أبرز المعالم التي تعكس العمق الثقافي والهوية التاريخية للمدينة، لكونه شاهداً حجرياً على عصور تطور الفن والعمارة في الساحل السوري.
وفي تصريح خاص لوكالة سانا، أكد مدير دائرة الآثار في جبلة أيمن نابو أن بناء المسرح يعود إلى الحقبة الرومانية، وقد شُيّد بتصميم هندسي مدهش على هيئة نصف دائرة يبلغ قطرها نحو 90 متراً، ويتّسع لما يقارب عشرة آلاف متفرّج، ويشتمل على 35 درجة نُفذت بدقة عالية، تعكس مستوى الإتقان الذي تميزت به العمارة الرومانية في إنشاء المسارح المفتوحة.
وبيّن نابو أن مسرح جبلة يُعدّ ثاني أهم المسارح الأثرية في سوريا بعد مسرح بصرى الشام، مشيراً إلى أنه يحتل موقعاً فريداً في قلب المدينة، الأمر الذي جعله جزءاً لا يتجزأ من ذاكرتها الجمعية وهويتها الثقافية. وأشار إلى أن دراسات عالمية عدّة تناولت هذا المعلم بوصفه من أجمل المواقع الأثرية على الساحل الفينيقي السوري.
كما كشف نابو أن مديرية الآثار تعمل حالياً على خطة متكاملة تهدف إلى إدراج المسرح ضمن مسار سياحي يربط بين أهم المواقع التاريخية في جبلة، مثل جامع السلطان إبراهيم بن الأدهم، والحمام التاريخي، والسرايا القديمة. وبيّن أن الطابق الأرضي من مبنى السرايا سيُحوّل إلى متحف أثري يضم مقتنيات نادرة من مختلف الحقب الزمنية، تسلط الضوء على الحضارات التي تعاقبت على المنطقة.
وأشار إلى أن هذه الخطط تأتي ضمن رؤية وطنية لتفعيل السياحة الثقافية في المدينة، مؤكداً أن أهمية المسرح لا تقتصر على قيمته الأثرية فحسب، بل تمتد لتشمل دوره كمركز ثقافي وفني يستضيف العروض المسرحية والمهرجانات والفعاليات الفنية، بما يعزّز حضور جبلة على الخارطة السياحية والثقافية السورية.