الإذاعة .. عطــــر الصباحــــات ونســـــيم الأيـــــام

العـــــدد 9415

الخميـــــــس 29 آب 2019

 

الإذاعة وسيلة إعلامية لها دورها وأهميتها بين باقي الوسائل، ليس على المستوى المحلّي فقط إنّما العالمي أيضاً، إذ ترافق مستمعيها في كلّ مكان، وقادرة على الوصول إلى مختلف الشرائح والفئات العمرية والاجتماعية والعلمية، في بيوتنا ومكاتبنا وطرقاتنا وتعد خزّاناً معرفياً ومعلوماتياً كبيراً عابراً للثقافات، بالرغم من المنافسة الشديدة بينها وبين باقي وسائل التواصل الاجتماعي، إذ تبقى الوسيلة الأكثر سهولةً وبساطة في الوصول إلى جمهورها ومتاحة لهم بأقلّ التكاليف، ولا تتطلب منهم تفرغاً للاستماع والإنصات لها، إذ يمكنك متابعة برامجها دون الالتفات إليها، وإنجاز أعمالك دون أن تعطّلك عنها كما هو حال باقي الوسائل.
ليس هذا وحسب، إنما تتميز الإذاعة بالسرعة في نقل الحدث، ومعدّاتها وأدواتها لا تتجاوزان صوت المذيع بما يمتاز به من طبقات صوتية يتحكّم بها حسب الحدث وأهميته، فهو صلة الوصل بيننا وبين الحدث، لا بّد أن يعلو وينخفض، ويجهر ويهمس، ويضحك ويحزن حسب المواقف التي تفرض نفسها.
وحسب الإحصائيات العالمية فإن عدد مستمعي الإذاعة يفوق عدد مشاهدي التلفاز ومستخدمي الهواتف الذكية غير المتاحة لكثير من شعوب العالم النامية، وبالتالي لم تستطع التكنولوجيا الحديثة إزاحة الإذاعة من الساحة، وإن خبا بريقها قليلاً عند الجيل الجديد المفتون بالحداثة ومقوّماتها وتقنياتها التي أغنته عنها، لتبقى رفيقة الجيل القديم وصديقة فنجان القهوة الصباحي، ومتّكأ رأسهم قبل النوم..
وأكثر الفئات استماعاً هم ربّات البيوت، وكبار السنّ، وسائقو السيارات والحافلات الذين يطربون ركّابهم بأعذب الألحان وأقوى البرامج لاسيما الصّباحية منها.
وتحتل الإذاعات المحلية مكانة الصدارة من حيث الانتشار والأكثر استماعاً، إذ تستقطب فئات عدة، وتصدح برامجها في كل مكان: البيت، والشارع، والسوق، والمكتب، والحافلة، والسيارة، والمقاهي، وصالونات التجميل والحلاقة…
والملفت ابتعاد فئة الشباب وعزوفهم حدّاً ما عن متابعة ما تبثّه المحطات الإذاعية، ولعلّ سرعة نفاد صبرهم (وهي سمة عامة لدى جيل اليوم).
أحد أسباب ذلك العزوف، وارتباطهم البصري بهواتفهم المحمولة وأجهزتهم الإلكترونية أفقدتهم القدرة على الاستماع لبرامج وحوارات إذاعية يعدّونها تراثاً من الماضي وبعيدة عن مواكبة الحاضر.
لكن رغم كل التحديات والأنواء التي تواجهها الإذاعة وتشبثها بالبقاء والاستمرار، تبقى جزءاً هاماً من ذاكرة كثيرين، ووثيقة انتماء إلى المكان والزمان، إذ من منّا لم يغفُ على نبضات أغانيها وأصوات مذيعيها الرخيمة، ومن لم يصحُ على صوت فيروز منها، صيفاً وشتاء، صغاراً وكباراً.. ستبقى الإذاعة صديقة آذاننا مهما ثقل سمعنا وضعف بصرنا وبلغنا من العمر عتيّاً.

ريم جبيلي 

 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار