الوحدة – ديما محمد
تُعدّ صناعة الفخار من أقدم الحِرف الإنسانية، إذ ارتبطت منذ العصور الأولى بحفظ الطعام والماء وتخزين الغلال، ومع مرور الزمن تحوّلت هذه الحرفة من مجرد أدوات إلى فن يجمع بين الجمال والوظيفة، ويعكس هوية المجتمعات وتطورها، وتمتاز بالدقة والصبر والمهارة اليدوية، وتبقى شاهداً على تواصل الماضي مع الحاضر.
وفي قرية بريعين بريف جبلة، التي اشتهرت منذ زمن بعيد بصناعة الفخاريات، يواصل الحرفي نزار حسن مسيرة أجداده، مقدماً تحفاً فنية متميزة رغم قلة الإمكانيات مثل موقدة فخار وشواية لحمة وأبريق، بالإضافة إلى قطع مخخصة للزينة وغيرها الكثير، مصممة لعشاق التراث الجميل.
ويقول حسن الذي تشبّعت الحرفية والفن في عروقه: أخذت صناعة الفخار من وقتي وعمري الكثير، لكن شغفي وحبي لهذه الحرفة يدفعني للاستمرار، ويعتمد حتى اليوم على شوي القطع بالحطب، مبرزاً براعة يديه في إنتاج أجمل وأمهر القطع الفخارية.
ويؤكد حسن أن سر نجاح صناعة الفخار يكمن في مزج ثلاثة أنواع من التراب بدقة، موضحاً أن تشقق القطع الفخارية يعود غالباً إلى خطأ في خلط التراب أو ضعف في تجانسه، لذلك فإن معرفة خصائص كل نوع واستخدامه في مكانه الصحيح أساس الحفاظ على جودة المنتج، كما شدّد على أن الأواني الفخارية صحيّة تماماً للطعام والشراب، وأن الحفاظ على جودتها يحتاج إلى شغف ومعرفة واسعة.
ورغم مشاركته في عدة معارض محلية وتلقّيه طلبات كثيرة، إلا أن قلة المعدات الحديثة مثل الفرن والعجّان والقرص الكهربائي تحدّ من قدرته على تلبية الطلبات الكبيرة، لذلك يؤكد الحرفي أن هذه الحرفة التراثية بحاجة إلى دعم مادي لتوسيع العمل وتوفير الوقت والجهد.
طموح نزار لا يقتصر على الداخل، فهو يسعى أن تصل صناعته الفخارية إلى العالم بأسره، ليعرف الجميع جمال الفخار الأصيل وجودته، ويستفيد منه في الحياة اليومية، ويختتم حديثه قائلاً: نحن فخورون بما نصنع، وبنقل تراث أجدادنا إلى كل بقاع العالم، وطموحي أن يرى الجميع إبداعنا وأن تبقى هذه الحرفة حية ومتجددة عبر الأجيال.
تصفح المزيد..


