العدد: 9413
الثلاثاء: 27-8-2019
الجهة الشرقية من معمل إسمنت طرطوس الأكثر عرضــة للتلــوث
كميات الرصاص عالية نســـبياً
في أوراق صنـــف الخضـــــيري
تطويــر أنظمــة الغبــار للعمــل وصيانتهـــا للحــــد من التلـــوث
ترافقت النهضة الصناعية في بلدنا بإنشاء العديد من المصانع والمعامل في مناطق متفرقة منه، ويتركز قسم من هذه المعامل في منطقة الساحل السوري (معمل إسمنت طرطوس, المحطة الحرارية ومصفاة النفط في بانياس) وغيرها والتي تلعب دوراً كبيراً في التلوث بمختلف أنواعه، وتعد صناعة الإسمنت ملوثة للبيئة بطريقة لا يمكن تفاديها بسهولة بسبب الملوثات الغازية التي تنتشر منها بشكل كبير، مسببة تلوثاً كبيراً للبيئة المحيطة.
مارييل خوري من كلية الزراعة بجامعة تشرين أجرت دراسة حول تأثير غبار معمل إسمنت طرطوس في محتوى أوراق الزيتون صنف (الخضيري) من بعض العناصر الثقيلة جريدة الوحدة التقت صاحبة الدراسة مارييل خوري وكان الحديث التالي:
تهدف التي أجريتها إلى تقييم التلوث الناتج عن غبار معمل إسمنت طرطوس من بعض العناصر الثقيلة في أوراق صنف الزيتون (الخضيري) على اعتبار أنه النوع النباتي السائد في منطقة الدراسة وقمت بجمع عينات الأوراق المدروسة من الجهتين (الشرقية والشمالية) للمعمل وعلى مسافات مختلفة منه (200م,2كم,6كم) وقد تمّ تحضير وتهضيم العينات لتقدير محتواها من بعض العناصر الثقيلة باستخدام جهاز الامتصاص الذري في مخابر كلية الزراعة، وقد أظهرت النتائج بأن تركيبات تراكيز العناصر الثقيلة (الصغرى) في أوراق صنف الزيتون (الخضيري) كانت كالتالي
Ni-Fe-Zn-Mn-Pd-Cu مع الإشارة إلى أن التراكيز الأعظمية لبعض هذه العناصر (الحديد, الرصاص, المغنيز والزنك) وجدت في المواقع المحيطة بالمعمل من الاتجاهات الاربعة والتي تبعد عنه حوالي (200م) وبينت الدراسة أن الجهة الشرقية للمعمل وهي الأكثر عرضة للتلوث من حيث محتوى أوراقها من بعض العناصر الثقيلة (الحديد, الرصاص, النيكل) كما تبين وجود عنصري الرصاص والنيكل في أوراق الصنف المدروس بكميات عالية نسبياً، وقد يعود المحتوى العالي للمعدنين السابقين في معظم المواقع المدروسة إلى ما يحمله الهواء من جزئيات المعادن الثقيلة الناتجة عن عملية تصنيع الإسمنت بمراحلها المختلفة، وبالتالي ترتبط الحالة السمية لبعض المعادن في أوراق الزيتون بالتلوث الجوي، فصناعة الإسمنت تنتشر منها ملوثات غازية كثيرة كأكسيد النتروجين والكبريت وثاني أكسيد الكربون وأول أكسيد الكربون، بالإضافة إلى الدقائق المحمولة مع غازات الاحتراق على شكل غبار ذي أقطار صغيرة، وهذه الغازات تسبب تلوثاً للبيئة المحيطة، ويستخدم في أغلب مصانع الإسمنت النفط الأسود كوقود، والذي يعد من أثقل أنواع الوقود لمحتواه الكبريتي العالي، كما تنبعث جزئيات المعادن الثقيلة من مداخن المعامل وخاصة الفلاتر القماشية والمرسبات الكهربائية كجزئيات الرصاص والنيكل والكروم والزنك والمنغنيز والفاناديوم والكادميوم والنحاس والألمينيوم والكوبالت، وتعد العناصر الثقيلة من أهم وأخطر الملوثات غير العضوية، وتأتي خطورة هذه العناصر من خلال تراكمها وبقائها في الوسط المحيط لفترة طويلة وعدم تحللها بيولوجياً، بالإضافة إلى تأثيرها في إنتاجية المحاصيل وخصوبة التربة، وهي تنتقل إلى الكائنات الحية في التربة إما بواسطة المياه الجوفية، أو عن طريق السلاسل الغذائية كالمحاصيل والنباتات المستخدمة كطعام، والسلاسل الأخرى كالأسماك واللحوم، ويسبب تراكم هذه العناصر تأثيرات سلبية للإنسان والحيوان والنبات، حيث تقوم النباتات بامتصاص هذه العناصر الثقيلة إما عن طريق المجموع الجذري الذي يمتص العناصر الموجودة في التربة عبر عملية التبادل الكايتوني أو على شكل شيلات (مركبات) تم نقلها في منطقة انتشار الجذور إلى الأوراق عبر الخشب أو عن طريق المجموع الخضري من خلال ترسب بعض العناصر الثقيلة الملوثة للغلاف الجوي على سطح اوراق النبات ثم دخولها إلى أنسجة الورقة عبر الثغور، ويصعب تحديد الكمية الممتصة من هذه العناصر التي تساهم بها كل واحدة من الطريقتين المذكورتين محتوى أوراق صنف الزيتون الخضري من النيكل،
إن متوسط تراكيز النيكل تراوحت بين ( 166-211,33) وقد تجاوزت قيم النيكل الحد الأعلى للسمية ضمن النبات وقد توقت الجهة الشرقية التي تبعد عن المعمل 200م عن بقية المواقع من حيث محتواها من النيكل ووجد أن أدنى قيمة للنيكل كانت في الجهة الجنوبية التي تبعد عن المعمل 6 كم وبالتالي يمكن القول أن نبات الزيتون يتعرض لتراكيز عالية السمية من النيكل في كافة المواقع المدروسة.
محتوى الأوراق من الرصاص
إن تراكيز الرصاص تتراوح بين (78-13,57) وهي أعلى من الحد الطبيعي بقليل في كافة المواقع باستثناء الشمال والجنوب ولكنه مع ذلك لا يدخل ضمن المجال الذي يظهر أعراض سمية على النبات وبالتالي نستطيع القول بأن نبات الزيتون لا يتعرض لتراكيز عالية السمية من الرصاص كما نلاحظ بأن الجهة القريبة من المعمل كانت ذات محتوى عالي نسبياً من الرصاص تدعو للتساؤل عن سبب هذه التراكيز وقد تفوقت الجهة الرقية التي تبعد عن المعمل 200 م من حيث محتواها من الرصاص على كافة المواقع بينما كانت ادنى قيمة له في موقع الشمال الذي يبعد عن المعمل 6كم أي تناقص التراكيز بالابتعاد عن المعمل.
محتوى الأوراق من النحاس
تراوحت قيم النحاس بين (7,8-11,33) وتشير معظم المراجع إلى أن الحد السمي الأدنى للنحاس يقع فوق (2) وفي دراسات أخرى ذكرت أن الأعراض السمية للنحاس على النبات تقع بين (25-41) وبالتالي فإن التراكيز النحاس في كافة المواقع لم تتجاوز الحد السمي الأدنى المسموح به لهذا إن أعلى قيمة للنحاس كانت في الجهة الجنوبية التي تبعد عن المعمل (200م) وأدنى قيمة له في موقع الشرق الذي يبعد عن المعمل (6كم).
محتوى الأوراق من المنغنيز
تراوحت قيم المنغنيز بين (90-115) وبلغت أعلى قيمة لها في الغرب على بعد (200م) من المعمل بينما كانت أدنى قيمة لها في الجنوب (على بعد 6 كم) ولم تتجاوز قيم المنغنيز الحد السمي الأدنى لتراكيز هذا المعدن في النبات والتي تتراوح بين(400- 1000) وبالتالي نستطيع القول إن تراكيز المنغنيز تقع ضمن الحدود الطبيعية في كافة المواقع المدروسة كما نلاحظ أن قيم المنغنيز ارتفعت حتى مسافة 2 كم عن المعمل وبعدها انخفضت بشكل ملحوظ وننوه هنا إلى أن المنغنيز يتواجد في غبار معمل الإسمنت ويطرح من محركات السيارات كما أنه يتزايد في الاوساط القريبة من المناطق الساحلية.
محتوى الأوراق من الحديد
إن متوسط تراكيز الحديد تقع بين (69,33-135,33) وهي لا تقع ضمن الحدود الطبيعية حتى في العينات التي تبعد حوالي 6كم عن المعمل إذ أن الحدود الطبيعية للحديد ضمن أنسجة النبات تقع بين (100-1000) وكانت القيمة الصغرى للحديد (69,33) في موقع الشمال الذي يبعد حوالي 6كم والقيمة العظمى (135,33) في موقع الشرق الذي يبعد 200 م ونلاحظ أن القيم العظمى للحديد وجدت في الجهات الأربعة التي تبعد عن المعمل حوالي 200 م وهذا يتوافق مع فكرة أن التراكيز العالية من الحديد تكون دائماً في منطقة الانبعاث أي تترسب قريبة من المعمل. محتوى الأوراق من الزنك
تراوحت قيم الزنك في العينات المدروسة بين (88,33-122) وهي تقع ضمن المدى الطبيعي وتتجاوز الحد السمي الأدنى في كافة المواقع باستثناء الشمال الذي يبعد (200م) عن المعمل مع ملاحظة أن أعلى قيمه للزنك كانت في الموقع الذي يبعد عن (2كم) من الجهة الشمالية بينما كانت أدنى قيمه له في الموقع الذي (200م) وبالتالي يمكن إثبات أن أوراق الزيتون تحتوي تراكيز من هذا العنصر قريبة من الحد الأعلى الطبيعي.
وقد خلصت الدراسة التي أجرتها الطالبة مارييل خوري إلى النتائج التالية:
* كان ترتيب تركيز العناصر الثقيلة (الصغرى) في أوراق صنف الزيتون الخضيري Ni-Fe-Zm-Pb-Cu
* التراكيز الأعظمية لبعض المعادن الثقيلة كالرصاص والحديد والمنغنيز والنيكل كانت في المواقع الأربعة التي تبعد عن المعمل حوالي (200م) وأن تراكيز هذه العناصر تناقصت بالابتعاد عن المعمل.
* إن الجهة الشرقية من معمل إسمنت طرطوس هي الأكثر عرضة للتلوث من حيث محتوى أوراق صنف الزيتون الخضيري من بعض العناصر الثقيلة (الحديد، الرصاص، النيكل) ويمكن أن يعزى ذلك إلى اتجاه الرياح السائدة في المنطقة الغربية والجنوبية الغربية.
* إن الجهة الشمالية من المعمل كانت الأعلى من حيث تركيز كل من الزنك والمنغنيز، وبالتالي يمكن القول بأنها تلي الجهة الشرقية من حيث التعرض للتلوث ويتم تفسير ذلك بوجود الشريط الناقل الذي يتم عبره نقل المواد الأولية اللازمة لصناعة الاسمنت من المقالع.
* خلصت الدراسة إلى وجود عنصري الرصاص والنيكل في أوراق صنف الزيتون الخضيري بكميات عالية نسبياً ويرجح كون المحتوى العالي للمعدنين السابقين في معظم المواقع المدروسة إلى ما يحمله الهواء من جزيئات المعادن الثقيلة الناتجة عن عملية تصنيع الاسمنت بمراحلها المختلفة وبالتالي ترتبط الحالة السمية لبعض المعادن في أوراق الزيتون بالتلوث الجوي.
المقترحات
وقد وصلت الطالبة مارييل خوري إلى بعض المقترحات للتخفيف من حدة التلوث عبر الآتي:
* تطوير أنظمة الغبار (الفلاتر والمصافي) لمعمل إسمنت طرطوس وصيانتها بشكل دوري للحد من التلوث الصادر عنه وحماية البيئة المحيطة.
* دراسة التلوث الجوي في مناطق الدراسة وتحديد محتوى الهواء من المعادن الثقيلة وكذلك محتوى غبار الإسمنت وربطها بمحتوى النباتات من هذه المعادن.
* إجراء مراقبة دورية لمحتوى النباتات من بعض العناصر الثقيلة لاسيما الرصاص والنيكل بسبب تراكيزها المرتفعة نسبياً.
ربا صقر – حليم قاسم