«أسعار حراثة الأراضي» ارتفاع تكاليف الصيانة وغلاء المازوت متهمان!

العدد: 9413

الثلاثاء: 27-8-2019

 

تعتبر (الحراثة) عملية أساسية في الحالة الزراعية, وإن لتلك الحراثة أهداف ومنها التخلص من الأعشاب ومخلفات المحاصيل السابقة وتنعيم التربة لتهيئتها لعملية الزراعة, ويتوقف نجاح خدمة التربة للحصول على محصول جيد من خلال ضبط وإتقان عملية الحراثة فهي تساعد على تحليل المواد العضوية وذلك بتنشيط الأحياء وأكسدة بعض الموارد بين الجذور والتربة, كما يستفاد من الفلاحة في تهوية التربة والتخلص من الآفات لذلك يمكن القول بأنها إحدى ركائز الزراعة.

 

ارتفاع أجور الحراثة
بعد عرضنا هذا حول أهمية حراثة الحقول الزراعية اتجهنا إلى بعض القرى الساحلية والجبلية للتعرف على هموم ومعاناة الفلاحين من الارتفاع الجنوني لأسعار الحراثة الزراعية وكيف التعامل مع تلك الحقول من أجل مردود زراعي جيد.
بداية قصدنا إحدى القرى الساحلية والتي تعرف بقرية خربة أو خسرف وتحدثنا إلى بعض المزارعين فقد حدثنا المزارع غياث: بشكل عام حراثة الأرض ضرورية جداً فهي أساس العملية الزراعية بداية تنظيف الحقل من الحشائش الطويلة, وتفكيك الكتل الترابية وتسوية محدودة للأرض, سابقاً كنا نقوم بالفلاحة مرتين أو ثلاث مرات في السنة أما اليوم لا نستطيع فلاحة الأرض بسبب الارتفاع الكبير لأسعار الحراثة, نحن كفلاحين ليست لدينا قدرة على دفع تلك المصاريف, ومن المعروف بأن فلاحة الأرض تحتاج إلى سكتين أو ثلاث سكك وهذا يعني إننا سندفع أضعافاً مضاعفة, واليوم نحن نحصل على إنتاج محاصيل زراعية غير جيدة وقليلة نتيجة لعزوف الكثير عن حراثة أرضهم والاكتفاء بركش ما حول الأشجار وتعشيف الأعشاب فهل يعقل أن يكون سعر الدونم والسكة واحدة (8-10 آلاف ليرة) وأصحاب الجرارات يتحكمون بالسعر والعمل بحجج كثيرة.
المزارع لؤي من قرية عين العروس: كنا نقوم بفلاحة الأرض على مدار السنة فكانت ممتازة ولا يلحظ فيها أي أعشاب أو حشرات والأشجار مخضرة بشكل ممتاز, وكنا نحرث الأرض بدون أي زراعة ثانوية بين الأشجار وأوضح بأن السبيل الوحيد للحفاظ على تربة مفككة نظيفة من الأعشاب كما وتكون خصبة وذات مخزون جيد من المحاصيل, ولكن اليوم واقع الحقول سيئ فالأعشاب تكسو الأرض لأننا بالكاد نستطيع فلاحتها مرة واحدة في السنة ومن المعروف في ظل الارتفاع الكبير لأجور الحراثة لم يعد باستطاعتنا القيام بواجبنا تجاه الأرض فكثرت الأعشاب والحشرات وعندما نبيع المحصول نفلح الأرض لمرة واحدة وسكة واحدة.
القرى الجبلية معاناة مضاعفة
ثم توجهنا إلى بعض القرى الجبلية ومنها قرية (حبيت) فقد كانت المعاناة مضاعفة في كل شيء فيما يتعلق بالقطاع الزراعي ومستلزماته, فالمنظر العام أعشاب يابسة وفي هذا الخصوص التقينا مجموعة من المزارعين في القرية فهناك أفواه لا تمل من السؤال وهذا يدل على قصور حقيقي من قبل الجهات المعنية بالقطاع الزراعي وبدوره تحدث أبو عزام: الحراثة هي إثارة تراب الأرض وقلب عاليها سافلها, ولكن اليوم انقلبت الحكاية حيث انقلبت الأرض علينا وزادت من همومنا حيث عزفنا عن الزراعة بشكل نهائي وتوجهنا إلى الأعمال الحرة والوظائف كون المحاصيل الزراعية لا تغني من جوع لأنه هل يعقل أن ندفع أكثر مما ننتج, وكما تلاحظين بأن القرية توجد بها أشجار الزيتون أكثر من غيرها كونها شجرة برية أكثر منها جوية وهي ليست بحاجة إلى عناية ولكن بحاجة إلى فلاحة, واليوم لا أحد يستطيع أن يفلح بسبب ارتفاع سعر اليد العاملة والجرار, فهل يعقل أن أدفع أكثر من (10 آلاف ليرة) لفلاحة أرضي سكتين وأنا بالكاد أحصل على مردود جيد , أين نحن من الجمعيات الفلاحية والوحدات الإرشادية ونحنا لسنا بحاجة إلى تعليمات وتنظيرات زراعية لأننا نعمل في الزراعة منذ عقود ولكننا بحاجة إلى آليات عملية على أرض الواقع وإن أبرز ما يتعلق بالزراعة المعاناة والهموم.
في حين أشار المزارع فايز من قرية جبلايا: قديماً كنا نقوم بزراعة كافة المحاصيل الزراعية وحراثة حقولنا باستخدام الدواب فكانت المعاناة قليلة, وكما يعرف الجميع مع التقدم استخدمت الجرارات للحراثة وكانت أسعارها مقبولة نوعاً ما أما في وقتنا الحالي أسعار أجرة حراثة الأرض مرتفعة جداً, هذا إذا وجدنا آلية للفلاحة كون أكثر تلك الجرارات أصبحت تعمل في نقل المياه بسبب صعوبة الفلاحة كما يقول أصحاب هذه الجرارات، لذلك يجب أن يوضع جراراً أو أثنين في كل قرية إما عن طريق الجمعية الفلاحية أو الوحدة الإرشادية بأسعار تتناسب مع المحاصيل الزراعية ومعيشة الفلاح وهذا المشروع لابد له أن يظهر للنور على ارض الواقع حتى يلحظ الجميع تطور العمل الزراعي.
عمل أصحاب الجرارات
إن ارتفاع أسعار حراثة الحقول بظل ضبابية الآليات المعمول بها أجمعت آراء الفلاحين والمزارعين بالهموم والمعاناة وقلة التدابير الكفيلة باستمرار العملية الزراعية, وفيما يتعلق بمسألة ارتفاع أسعار الحراثة رغبنا أن نتعرف على واقع عمل أصحاب الجرارات، فمنهم من كان مقتنعاً بالحديث معنا ومنهم لم يحدثنا بحجج.
يقول مالك صاحب جرار زراعي: بسبب ارتفاع الأسعار قررت عرض الجرار للبيع, فعندما أذهب إلى المنطقة الصناعية لإصلاح الجرار تفاجئني الأسعار الباهظة لقطع التبديل المستعملة والجديدة ناهيك عن أسعار الإطارات المرتفعة جداً, كما ونوه إلى غيار الزيت وبعض الأمور الفنية والميكانيكية للجرار نتيجة قيامنا بالعمل الدائم على الجرار في حراثة الأرضي, وحول ما تم قوله نؤكد أن مادة المازوت والتي نعاني أشد المعاناة في تأمينها لزوم العمل حيث نضطر لشرائها من السوق السوداء بمبالغ مرتفعة قد تصل إلى (8-10 آلاف ليرة) سعر غالون مازوت, لذلك تكون أسعار الحراثة مرتفعة.
وبهذا الشأن حدثنا نزار صاحب جرار زراعي: نحن كأصحاب جرارات نعاني من صعوبة عملنا وندرة مادة المازوت وارتفاع سعرها ونوه إلى الإصلاح والصيانة وتغيير الزيت وأسعار الإطارات المرتفعة وقطع التبديل, وأضاف: نتمنى ألا يلومنا أحدٌ ويضع وزره علينا لأننا بالنهاية نحن فلاحين ولدينا أرض نحرثها لكي نزرعها, فأنا أضمّ صوتي إلى صوت الإخوة الفلاحين من أجل قيام الجهات المعنية بواجباتها الحقيقية تجاه الأعباء المادية والاجتماعية والاقتصادية التي تقع على عاتق كافة المزارعين والفلاحين.
الأسس والضوابط المعمول بها
ومن هذا القبيل وما يندرج على عاتق اتحاد الفلاحين حول مساندة الإخوة الفلاحين لهمومهم من خلال تحميل مسؤوليات إضافية والأسس والضوابط المعمول بها في عملية الحراثة, وكيف للاتحاد عبر جمعياته مساعدة المزارعين أوضح السيد حكمت صقر رئيس اتحاد الفلاحين في اللاذقية: نحن كاتحاد فلاحين ننوه إلى أن هناك نقصاً حاداً في الآليات والجرارات التي تعمل في مهنة حراثة الأراضي الزراعية كما أكد حول النقص في مادة المازوت التي تعمل عليها تلك الجرارات في المحافظة, وإنه واجب على الاتحاد أن يكون لديه عددٌ من الجرارات الزراعية التي تقوم بالعمل الذي يساند الأخوة الفلاحين في حراثة أرضهم وأكد صقر بأن غالبية الجمعيات الفلاحية في المحافظة لا تمتلك أياً من الآليات أو الجرارات وأضاف: في ضوء ذلك وخلال الاجتماعات والمؤتمرات السابقة التي كانت تُعقد طالبنا بمحاضر اجتماعات بوجوب تأمين أو استيراد الجرارات الزراعية لما لها من أهمية كبيرة في القطاع الزراعي, وضرورة ربط ذلك باستيراد المواد الزراعية والحصادات وما شابه ذلك ومستلزماتها بكافة القياسات وعزاقات وركاشات.
وأوضح صقر أن هناك صعوبات كثيرة تتعلق بداية في الإيرادات المالية والتي يتعذر على اتحاد الفلاحين تأمينها لاستيراد الجرارات الزراعية حيث لا توجد قدرة في شراء الآليات الزراعية فقد كان سعر الجرار سابقاً يتراوح من (200-300) ألف ليرة أما في الوقت الحالي يتجاوز الـ /8 ملايين ليرة/ ولا توجد قدرة لشرائه في هذه الظروف والجدير بالذكر بأن اتحاد الفلاحين يعتبر المقصد الأساسي لكافة الفلاحين فهو صلة الوصل بين الفلاح وكافة الجهات العامة ونحاول قدر المستطاع تخفيف المعاناة حسب القدرة اللازمة وأكد إلى أن الأزمة التي تعصف أو تمر بالقطر كان لها تأثيرٌ سلبيٌ على القطاع الزراعي ونحن نتمنى بالقريب العاجل أن يعم الأمن والسلام على البلد ولكي يزداد الأمر وضوحاً حدثنا المهندس إحسان جابر رئيس دائرة الإرشاد الزراعي
في مديرية الزراعة، حدثنا عن دور مديرية الزراعة حول هذا الموضوع فقال:
إنّ دور مديرية الزراعة وبشكل عام يقتصر على الإرشادات الزراعية وتقديم بعض الخدمات التي من شأنها تطوير القطاع الزراعي من خلال الوحدات الإرشادية والدوائر الخاصة من ذلك حيث نتوجه إلى الأخوة الفلاحين بضرورة حراثة الأراضي للحفاظ على الرطوبة ومنع حدوث الحرائق وعمليات الري المقررة والأساسية التي يجب أن يقوم بها المزارع من أجل سهولة جني المحاصيل والقضاء على الحشرات والأمراض التي يمكن أن تنتقل من التربة إلى المحاصيل والأشجار.
وأضاف جابر: يتم تقديم المازوت والوقود بالتنسيق مع الوحدات الإرشادية ودعم الجرارات المسجلة لدينا من الوحدات الإرشادية، كما ويشرف بعض من المهندسين على عمليات السقاية والري وتأمين المازوت لمضخات المياه.
لا توجد سيولة مالية
كما يرى السيد عبد الكريم مرتكوش رئيس الرابطة الفلاحية في اتحاد الفلاحين:
انطلاقاً من أهمية هذا الجانب الزراعي الهام تمّ عقد اجتماع لجنة بتاريخ 7/6/2017 بوجود كافة الجهات المعنية بالقطاع وتمّت مناقشة كافة الأمور والمستلزمات المتعلقة بأسعار المحروقات والزيوت حيث من خلال الاجتماع والمناقشات التي تداولها المجتمعون أكد الجميع على تحديد أسعار الزيوت وكلفتها وأجور الصيانة وقطع التبديل وقد اقترحت اللجنة أن تحدد أجور الأعمال الزراعية على:
× أجرة الحراثة والتي تراوح الشلف للدونم الواحد والسكة الواحدة 2000 ليرة
× الركاشة 2000 ليرة.
× أجرة الفلاحة بالمزادة 1200 ليرة
× أجرة الحفاض بالدونم الواحد 3500 ليرة.
× أجرة ساعة الدراسة 4500 ليرة.
تم عرض هذا الموضوع على الجهات المختصة بهذا الشأن ولكن حتى تاريخه لم يتم الالتزام به تحت أي ظرف من الظروف، وذلك لأسباب متعددة أولها يتعلق بمادة المازوت والتي هي غير متوفرة بالشكل الكلي للفلاح وتباع في السوق السوداء بأسعار مرتفعة وبسبب الظروف الحالية التي تعرض لها البلاد والحصار الاقتصادي الجائر التي طال كافة القطاعات ومنها القطاع الزراعي الذي يشمل شريحة واسعة من المواطنين الذين يعملون بهذه المهنة، وأكد بأن غالون المازوت يباع في السوق السوداء بسعر 8000 ليرة، في حين ارتفعت أجور اليد العاملة في الفلاحة.
وحول حراثة الأراضي أفاد مرتكوش بأنه توجد شركات خاصة لديها جرارات تقوم بفلاحة الأراضي الزراعية، ومشكورة الحكومة فيما قدمته من تسهيلات بالقروض الزراعية حيث يقوم المزارع بشراء الجرار عن طريق المصرف الزراعي لمدة خمس سنوات مترتبة عليه ولاحقاً مددت إلى عشر سنوات حيث وصلت فوائدها إلى 13% وحول الشراء يدفع الفلاح ما قيمته 30% من سعره والباقي يتكفل المصرف به حسب قياس الجرار /20-30-35-50/
وحول مساعدة الأخوة الفلاحين لمعاناتهم أكد بأنه لا توجد سيولة مالية تخدم الإخوة الفلاحية حيث لا يمكن شراء تلك الجرارات لارتفاع أسعارها.
آلية توزيع المحروقات
وبمتابعة جولتنا الميدانية على أرض الواقع توجهنا إلى قرية ست خيرس والتقينا السيد جميل زهرة رئيس الوحدة الإرشادية الذي حدثنا عن آلية توزيع المحروقات للفلاح فأفاد: تأتي برقية من شركة سادكوب ونقوم بتوزيع المازوت عن طريق الرابطة الفلاحية ومديرية الزراعة إلى المستحقين لكل صاحب جرار أو موتور ضمن الكازيات التي يتم توزيع المحروقات بها, والكمية تتراوح من /45-50ليتراً / خلال الشهر, حيث تكون مسجلة بالوحدة الإرشادية فالكمية المخصصة قليلة ولا تكفي الجرارات التي تعمل في القطاع الزراعي.
وتابع زهرة: أمام هذا الوضع يضطر أصحاب الجرارات الزراعية إلى شراء مادة المازوت من السوق السوداء بأسعار مرتفعة لذلك لا توجد أيّ أسس وضوابط تخصّ فلاحة الأرض بظل المخصصات القليلة والأسعار المرتفعة في السوق السوداء وأكد بأن كافة تلك الأسباب ومنها المستلزمات والصيانة وغيار الزيت أدت إلى المعاناة التي يعانيها الفلاح من الارتفاع في أسعار الحراثة.
نهاية
بعد عرضنا هذا تعتبر عملية الحراثة مهمة جداً للحقول من أجل رفع الإنتاج والحراثة تختلف باختلاف نوع المحاصيل الزراعية التي يريد المزارع زراعتها, لذلك حاولنا قدر المستطاع أن نعبّر عن هموم ومعاناة الأخوة الفلاحين وما يندرج على عاتق المعنيين, فهل لجولتنا الميدانية تحقق ما نبغي إليه..؟!

بثينة منى

تصفح المزيد..
آخر الأخبار