العدد: 9287
7-2-2019
لطالما شكل (ديربي) اللاذقية محطات هامة في كرة القدم السورية وخاصة بعد الحرب اللعينة، فهذا الحدث أعاد رسم صورة الحياة على مدرجات ملاعبنا، ووجه صفعات مؤلمة لمن أرادوا لنا أن نستكين لقرارات مبرمة بتعميم ثقافة الموت والخضوع لها، ولذلك لا يمكننا اعتبار هذا الحدث أمراً عادياً يمرّ علينا كل عام مرتين، بل يجب أن نجدد عشية كل (ديربي) امتناننا لجماهير اللاذقية العظيمة التي لم تستسلم لإرادة الأعداء، بل جاءت من كل حدب وصوب (لتختم) مدرجات استاد الباسل بعشرين ألف أو يزيدون، يهتفون بأعلى صوتهم ضد الموت القادم من الغرب والشرق.
على جمر انتظار التشرينيين والحطينيين يتجدد لقاء قطبي اللاذقية الرياضيين غداً الجمعة، في وقت يعدّ فيه جنود المدرجات أدواتهم المناسبة ليبدو اللقاء أجمل من سابقه وأكثر رقيا وحضارة.
ولأننا معنيون جميعاً بخروج هذا اللقاء بما يرضينا، لا بد أن نذكر كما جرت العادة بأن اعتبار اللقاء معركة كروية لا يفسد للود قضية، فجمالية كرة القدم تتجلى عندما يرتفع منسوب المنافسة ويقدم كل طرف أقصى ما يمكن للظفر بالنقاط من جهة، وتقديم المتعة للجماهير من جهة أخرى.
بالحسابات الدقيقة لما تعنيه نقاط هذه المباراة نجد أن تشرين يريد متابعة صراعه مع الجيش والوحدة على الصدارة، فالجماهير التشرينية باتت تستحق لقباً بعدما قدمت كل شيء لناديها، بل بعدما تفردت في إبداع وسائل الدعم والتلاحم مع فريقها الأول، ورغم أن آمالها خابت في موسمين متتالين إلا أنها بقيت على نفس (الرتم) في مؤازرة الفريق، ودأبت على زرع الأمل في نفوس اللاعبين عندما كانوا يتعرضون للإحباط، واليوم لا يوجد أي مانع من السير بخطى واثقة نحو التتويج بلقب الدوري، فالمجموعة التشرينية تضم نخبة اللاعبين السوريين، وأفضل المواهب الصاعدة التي دُعمت مؤخراً باللاعب المميز ورد السلامة، ولا مبرر للتفريط بأي نقطة في المراحل القادمة إن كان البحارة يريدون إيصال السفينة إلى بر الأمان.
من جهته لا يستطيع فريق حطين الركون لخسارته أولى مباريات الإياب، ولا هامش لديه للتفريط بنقاط إضافية قد يندم عليها في المستقبل، فالموقع الحالي لحطين على سلم الترتيب لا يطمئن عشاقه، وخسارته للقاء (الديربي)، ستزيد من همومه لاعتبارات عدة ، في حين أن فوزه سيغير مسيرته كلياً، ويعطيه جرعة كبيرة من الثقة في اللقاءات القادمة، فما قدمه حطين إلى الآن لا يعكس أبداً حجم الإمكانيات التي سخرت له، وربما نشهد انطلاقته الحقيقية غداً إن وفق في خطف نقاط المباراة المرتقبة.
كل المعطيات تشير إلى أننا متجهون لمشاهدة لقاء ناري لا يقبل القسمة على اثنين، فالتفريط بأي نقطة من كلا الطرفين ستكون له عواقب غير جيدة، وهذا الأمر يجعلنا نسابق الزمن لمعرفة صاحب الحظ السعيد في كسب الرهان، فاللقاء بدأ منذ أيام على مواقع التواصل الاجتماعي، ولا ينقصنا سوى رؤية العرض النهائي على مسرح استاد الباسل لنصفق للمخرج الأفضل.
وقبل كل شيء وبعده، لن نتمنى على جمهوري الفريقين إلا المواظبة على ما بدؤوا به في (الديريبيات) الخمسة الماضية، فرغم كل الحساسيات الحاكمة للقاءات الفريقين، إلا أن هذه الجماهير أثبتت علو كعبها بالوعي والإدراك إلى أن المباراة تنتهي داخل أسوار الملعب، وأن القصة برمتها لا تعدو كونها منافسة رياضية شريفة تحكمها الأخلاق ولا شيء سواها.
غيث حسن