مستورة «والله كافيها»..

العدد: 9287
7-2-2019

أبو محمد علي يونس إبراهيم من مواليد قرية بيت عليان التابعة لمحافظة طرطوس، أب لعشرة أولاد، قضى كل سنوات حياته بالعمل، التعب المحبب إلى قلبه، يخرج من قريته السابعة صباحاً متجهاً إلى المدينة ليبيع منتجات أرضه من البقدونس والنعناع وبعض الخضار إلى أن توفيت زوجته، صار تعبه أكبر ولم يعد قادراً على الزراعة فصار يشتري الدخان البلدي من المزارعين ويبيعه كما يقول . .
حكاية العمر هي العمل والعائلة مصدر سعادتي وأولادي العشرة كلهم مسؤوليتي.
ولدت في عائلة فقيرة جداً، وتوفيت أمي وأنا رضيع عشت يتيم الأم عند زوجه أبي.
وكان الفقر حينها أعمى ذهبت إلى بيروت من عمر ال سنه للعمل، وعدت بعدها لأكون أسرتي حيث عملت حمالاً ننقل البضائع من حمص إلى الضيعة، وغيرت عملي مراراً وتكراراً وكنت أقوم بأعمال كثيرة ورغم الفقر كانت مستورة والحياة أحلى، ورزقت بسبع بنات وثلاثة شبان توفيت زوجتي نتيجة المرض وأنا أعمل من الصباح حتى المساء لأكفي عائلتي.

كنت على الرصيف أبيع البقدونس والنعناع وما تعطيه الأرض، وأنا لا أملك أرضاً إلا فسحة صغيرة أمام منزلي وهو ملك لي والملك لله لكنني سعيد (والله ساترنا) عشنا بشرف وأخلاق وهي أكبر ثروة . .
أحلام الفقير ألا ينام جائعاً، وقد لا تصدقين نحن نشعر بالراحة لأننا فقراء، نخاف الله ونحب كل الناس ونشكر الله على الخير والشر ونشعر ببعضنا فنحن بهذا الشارع الذي تزورينه وتلتقين أهله أسرة واحدة كبيرة على الرصيف، يجمعنا الصدق والفقر ومحبة الناس . .
رغم عمري وتعبي أقضي الباقي من النهار بقراءة الكتب الدينية والفلسفية والشعر
تعلمت القراءة على يد الشيخ في القرية وبعدها علمت نفسي بنفسي وأحب القراءة والمطالعة ولا أخرج من بيتي كل صباح حتى أقرأ وحكمتي بعد ثمانين عاماً بالعمل.
أقول : ليس كل ما يتمناه المرء يدركه تجري الرياح بما لا تشتهي السفن رغم قساوة الأيام والظروف الحياة جميلة بالرضا والحب، لم نمت من الجوع و (الله ما بيقطع بعباده)، أتمنى ألا تشملنا القرارات ويمنعونا من الرزق على هذا الرصيف وقتها سنجوع . .

 زينة هاشم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار