أعمدة قلاع الوطن

العدد: 9409

21-8-2019

نحن شعب نبحث عن الحياة على طرق وعرة، وما يحدث على أرضنا يزيد من وعورتها، ما هذا إلا بسبب رياح الحقد والكراهية التي تهب على شعب مسالم، من قبل من لم تطرق باب عقولهم وأفكارهم الإنسانية، وتطغى عليهم أوهام أنهم بشر، بتنا ننفي ماضينا ونجري خلف حاضرنا الذي أزال مرآة القلوب وغلف المستقبل بالأمل، وهذه الرياح أسقطت بعض أعمدة قلاعنا أبناء الوطن عندما صدوا هذه الرياح، فما الشهادة إلا إرادة القدر لذلك الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون، فالحياة مليئة بالحلو والمر والنجاح والفشل والأسود والأبيض، فكل الأشياء عندما نفقدها ومنها الإنسان يصبح كبيراً الذي عند استشهاده يملأ النفس ويزداد فيها عظمة وسمواً، هذه الرفعة التي يستشعرها الحي من الميت ناتجة عن استيقاظ النفس عن حقيقة الفقيد ونظرتها إليه خالية من المحاسد والمطامع، فتكون فيه صافية تحيط به وتستوعب هذه الرفعة الناتجة أيضاً عن الفراغ الذي يتركه الفقيد عند ذهابه ومغادرته لموقعه، فيظهر لأنصاف عارفيه ما كان خافياً عليهم.

كم هو الشهيد خسارة لوطنه وأهله وهل بعدها من فاجعة إلا فقدان الأوطان، فأسرته التي سهرت عليه طفلاً وعلمته ليكون ناجحاً يحقق حلمهم وليرفد الوطن بكادر كفؤ، باستشهاده هذه الأحلام ماتت وكسر عكازهم عند الكبر فأصبحوا يسيرون على ضفاف نهر من الدموع فجرته أصابع مجرمين يريدون كل شيء وشغلوا الناس بحفر القبور، فلولا الشهيد لما كان الوطن شامخاً ويرفرف علمه عالياً، وهذا الوطن –سورية- أضحى مثلاً يحتذى به بين الأمم المدافعة عن كرامتها وعزة شعبها، فما الشهيد إلا وقوداً للوطن ولن تخمده نار ومع الأهل وآهاتهم التي لا تنقطع، فالشهيد كلل ماضياً بالغار من أيام هولاكو عن أسوار دمشق وكلل حاضرنا بالنصر على الخونة والمأجورين ولقطاء العالم وداعميهم، فمن ينسَ الشهيد ينسَ قيمة ماضيه وحاضره، هذا الذي جعل العالم ينحني إكباراً لشعب سورية المقاوم، بل هذا الذي قال فيه الرئيس الخالد حافظ الأسد: الشهداء أكرم من في الدنيا وأنبل بني البشر.
ما دماؤهم إلا مشعل نور ينير ربوع الوطن والأجيال القادمة تتفيأ بظلال أرواحهم فالشهادة مقدسة والشهيد جوهرها.
وبالرغم من تنامي الفكر وزيادة الوعي لدى الشعوب لا زال سلاح الغدر يفتك بأرواح الأبرياء وفلذات الأكباد فلا بد من تقييم عالمي لما جرى ويجري على الأرض السورية.

نديم طالب ديب

تصفح المزيد..
آخر الأخبار