يتداول الناس على مرّ العصور والأزمنة الأمثال المتنوعة التي تجسّد الحِكم والنصائح الهامة مع الحكايات المفيدة الطريفة، ونورد فيما يلي بعضاً منها مع قصصها التي قيلت لأجلها.
بدايةً، يؤكد المثل القائل: “إنّك لا تجني الشوك من العنب” على العمل الصالح في الحياة، فما يزرعه الإنسان في حياته سيحصده، إن زرع الخير سيجنيه، وإن زرع الشر لن يجد إلا الشر.
من جهة ثانية، يشير المثل إلى العلاقة بين نتائج الأعمال وأسبابها، فليس بالإمكان توقع النتائج الطيبة من الأعمال السيئة، ولا يمكن انتظار الشيء من غير أصله، ويُقال أيضاً لمن يحاول إصلاح شخص سيئ التربية والخلق والطبع، ولمن يرجو المعروف من غير أهله، وبات هذا المثل عبرةً، فالشوك لاينتج إلا الشوك، والعنب لا ينتج إلا العنب.
تقول القصة: رأى فتى أباه يغرس شجرةً وبعد فترة حان موعد جني الثمار فأنتجت عنباً لذيذ الطعم، جميل المنظر، ولقلة خبرته في الحياة اعتقد الفتى أنّ كلّ ما يُزرع سيطرح عنباً، فقرر أن يفعل مثلما فعل والده، وزرع شتلةً من نبات شوكي وانتظر العنب كما جناه والده من قبل، لكنه فوجئ بعد مدةٍ بظهور الشوك على الأغصان ولم يرَ العنب، وجاء الرد من والده: إنّك لا تجني من الشوك العنب.
أما المثل “وافق شن طبقة” فيُقال للدلالة على التشابه والتوافق بين شخصين في الآراء والأفكار، وتدور القصة حول ” شن” رجلٌ يطوف البلاد قاصداً امرأة تشبهه فكرياً وعقلياً، رافقه في طريقه رجلٌ توجّه إليه “شن” بالسؤال: أتحملني أم أحملكَ؟ وكان ردّ الرجل: كلانا راكبان فكيف ذلك؟ وبينما هما في طريقهما مرّا بزرعٍ قد حُصد للتّو فسأله “شن “: هل أُكلَ هذا الزرع؟ فتعثّر الرجل بالإجابة، ثم صادفتهما جنازة واستمر “شن” بالسؤال: هل صاحب هذا النعش حيّ أم ميت؟وكان الجواب: “ما رأيتُ أجهل منك بهذا السؤال”!.
وفي نهاية الرحلة طلب “شن” الرجوع لكن صاحبه أبى إلاّ أن يدعوه لمنزله، وبعد وصولهما نقلَ الرجل لابنته “طبقة” كلّ الأسئلة المبهمة فقدّمت له شرحاً وافياً فقوله “أتحملني أم أحملك” يقصدُ به أتحدثني أم أحدثك؟
وبخصوص الزرع إنّما المقصود هل باعه أهله وأكلو ثمنه؟ أمّا قوله في الجنازة، فالمراد هل للمتوفي أولاد يحيون ذكره؟
بدوره، صارح الرجل “شن” بجميع التفسيرات فاستغرب “شن” ذلك مشيراً أن هذا ليس كلامه، فأردف الرجل إنها ابنتي “طبقة” فخطبها “شن” للتوّ ورأى فيها ما يشبه تفكيره ويطابقه، وذهبت معه إلى قريته ولمّا شاهدها أهله قالوا: “وافق شن طبقة”.
ندى كمال سلوم