طموحات الشباب .. وإمكانية تحقيقها على أرض الواقع

العدد: 9403

الثلاثاء:6-8-2019

 

الجميع يجري لتحقيق طموحاته وأهدافه فكل شخص يتجه في حياته نحو ما هو شغوف بهِ ويبني أحلامه على أساسه، أي عندما تتكون لدى الشاب أو الشابة رؤية واعية وحقيقية لمستقبله ورغبته فيما يريد أن يكونه يستطيع توجيه جميع طاقاتهِ لتحقيق وإنجاح هدفه.
ويعد إنهاء المرحلة الثانوية لدى الطالب مفترق طرق بين حلم وتحقيق حلم، ففي هذه النقطة يحدد الطالب اتجاهه ويتخيل حياته بعد إتمام الاختصاص الذي اختاره فمن اختار الاقتصاد مثلاً يحلم بعمل له علاقة بالبنوك والحسابات، ومن اختار الحقوق يحلم بأن يصبح محامياً مشهوراً أو قاضياً وغير ذلك ..
ولكن هل تبقى هذه الأحلام أحلاماً ويصطدم الشاب أو الشابة بالواقع؟ أم أن تحقيق الطموحات يعتمد على الشخص ذاته لا على الظروف الراهنة؟

* الطالبة رشا فقالت: أدرس الهندسة، ونحن لا نتعيّن إلا بعد سنتين من التخرج لذلك طموحي أن أعمل في شركة خاصة خلال هاتين السنتين وإن أتيحت لي فرصة سفر لن أتردد أبداً لأن فرص العمل لنا في الخارج أكبر والرواتب أفضل من هنا، بالإضافة إلى السعي لجعل مشروع التخرج الذي أنجزته قابلاً للتطبيق على أرض الواقع وسأبحث عن جهة تساعد في استثماره وتطبيقه على أرض الواقع، وإن لم أسافر سأنتظر وظيفة الدولة كونها ضماناً لجميع المواطنين، ومن الصعب الحصول على وظيفة دولة في الوقت الراهن لذلك لا يمكن التفريط بها.
* الطالب سعيد فقال: أدرس الأدب الإنكليزي، طبعاً عند التخرج الفرص المتاحة أكثر شيء هو التدريس، ولكن في الوقت الراهن المسابقات قليلة، وإن وجدت يكون الطلب فيها على أعداد قليلة لذلك فإن الطموح سيتوجه إلى شركات خاصة أو إلى أعمال لا علاقة لها بما درست، فأحياناً أشعر أنني أسعى للتخرج فقط لأحصل على الشهادة الجامعية التي هي عرف وتقليد لا يمكن الاستغناء عنه، فالشهادة الجامعية هي التي تحدد شخصيتك في هذا المجتمع ولو لم تعمل بها، فقبل الدخول إلى هذا الاختصاص كان طموحي كبيراً في الترجمة وفرص العمل ولكن الآن تغير لأن إيجاد العمل بعد التخرج سيكون صعباً جداً عدا عن فكرة الدروس الخصوصية للطلاب فمردوده أقوى من مردود وظيفة أستاذ أو موظف..
* الطالبة زينب قالت: أدرس الصيدلة وطموحي عندما أنهي سنّي دراستي أن أكمل الدراسة خارج البلاد وأحصل على شهادة الدكتوراه ثم أعود إلى البلاد لأعمل بشهادتي لأن الطموح لا ينتهي فقط عند فكرة التخرج من الجامعة وإنما بإتمام الدراسات العليا والحصول على شهادات ثم الانطلاق إلى سوق العمل حتى يصبح الإنسان مميزاً وأفضّل العمل في القطاع الخاص كالتدريس في الجامعات الخاصة أو شركات الأدوية الخاصة..
* الطالب عيسى قال: أدرس في كلية التجارة والاقتصاد وطبعاً كل شخص يدخل هذه الكلية يكون من أصحاب الطموحات الكبيرة، فكلية الاقتصاد شاملة أي عندما دخلت هذا الاختصاص حلمت بوظيفة البنوك وإدارة الأعمال والتجارة، ولكن حين فتحت عينيّ على الواقع أتمنى فقط أن أحصل على وظيفة عندما أتخرج لأن الحصول عليها أمر صعب في واقعنا الحالي فقد أتوظف في مؤسسة المياه أو أي مكان آخر، المهم وظيفة بشهادتي ولا أضطر للتقدم لمسابقة فئة ثانية لأنه هناك حاجة ماسة للعمل.
* الطالبة لميس قالت: كثير ما نرى طلاب الجامعة من مختلف الاختصاصات يعملون في المقاهي وأماكن أخرى لكسب لقمة العيش ولديهم أمل بالتخرج كي يحصلوا على وظائف وفرص عمل أفضل، فمنهم من يستمر بعمله تتحطم أحلامه التي بناها ومنهم من تسنح لهم الفرصة بالعمل في مكان أفضل لذلك لا أرى جدوى من طموح الطالب لأنه في النهاية سيرضخ للواقع والحقيقة أن طموحي كطالبة صيدلة أن أملك صيدلية خاصة في مكان مميز وأعمل بمهنتي، فليس طموحي السفر والوظائف وإنما العمل الخاص لأنني أريد أن أقود عملي بنفسي لا أن تتقيد حياتي بوظيفة وراتب محدود.
* الطالبة ليال قالت: دخلت كلية الحقوق لأنها طموحي ومبتغاي منذ الصغر، فأنا أحلم بالمحاماة والحصول على مكتب بالقرب من القصر العدلي، وأن يكون لي اسمي في المجتمع، فعندما أتخرج سأعمل على تحقيق طموحي، ولكن وضع المحاميين في أيامنا هذه لا يبشر بالخير، لأن قسماً منهم أصبح كمعقّب المعاملات ولم يعد هناك احترام لمهنة المحاماة لذلك يجب على الدولة دعم هذه المهنة والوقوف بجانبها لأنها مهمة جداً في الحياة والجميع بحاجة إليها.
* الطالب علي: نقضي جميع مراحل دراستنا، ونحن نركض لتحقيق حلمٍ هو بالنسبة لنا المستقبل كله، فعندما اجتزت المرحلة الثانوية كان أملي معلّقاً على كلية الهندسة المعلوماتية لكي أبدع في مجال الحاسوب، وحققت هذا الحلم حيث دخلت كلية الهندسة المعلوماتية، وبقي طموحي يرتفع بأننا في عصر التكنولوجيا والحاسوب حتى استيقظت على واقع مرير أن من يتخرج من هذا الاختصاص إن لم تتح له الفرصة الذهبية سينتهي به المطاف في محلٍ للحاسوب يبيع فيه معدات الحاسوب وقطع الكترونية، لذلك أفكر بالسفر خارج البلاد وإتمام دراستي ثم العودة بشهادة الدكتوراه والتعليم بالجامعات السورية حتى أجعل من هذا الاختصاص إبداعاً بحد ذاته وأدرّس الطلاب الحاسوب والمعلوماتية بأفضل الطرق..
حال الطلاب بعد التخرج
من ناحيةٍ أخرى التقينا بعض الخريجين للتعرف على واقعهم..
* السيدة عبير قالت: درست علم الاجتماع، وتخرجت بمعدلٍ جيد، ثم حصلت على شهادة الدبلوم، وبدأت البحث عن وظيفة باختصاصي، فتقدمت على مسابقات ونجحت فيها، ولكنني لم أُقبل، ثم بدأت بالتقديم على شهادة البكلوريا عسى أن أقبل بوظيفة جيدة، لم يحالفني الحظ، وأنا بأمس الحاجة لوظيفة ودخلٍ شهري، فقررت البحث عن عملٍ آخر لأحصل في النهاية على عمل هو عبارة عن مساعدة في صالون تجميل براتب 15 ألف ليرة، وللأسف هذا المعاش لا يكفيني شيئاً في هذه الظروف، استمريت بالعمل في الصالون لمدة خمس سنوات، خلال هذه المدة لم أحصل على عملٍ أفضل، ثم حصلت على عمل في بوتيك، انتقلت للعمل فيه لفترة معينة، والآن أنا في المنزل لا عمل لي بعد تعبي ودراستي، علماً أنني تخرجت من عام 2008.
* سافرت إلى ألمانيا لمتابعة دراستي وعدت إلى سورية أحمل شهادة الدكتوراه في الصيدلة والآن أسعى للتعيين في الجامعات السورية والتعليم فيها ودائماً لدي أمل أن من يسعى وراء أحلامه تتحقق، فلا يجب على الإنسان الوقوف عند حدّ معين، إنما السعي نحو الأفضل دائماً حتى عند الفشل لا يجب أن يستسلم الإنسان لأنه إن فشل في مجال معين قد ينجح في مجالٍ آخر يلائمه.
* السيدة بسمة قالت: درست معهد إدارة الأعمال وحين تخرجت حالفني الحظ وتوظفت في شركة أدوية خاصة براتب شهري جيد على عكس أصدقائي من نفس الاختصاص الذين مازالوا يبحثون عن عمل دون جدوى..
* السيد علي قال: تخرجت عام 2012 من كلية العلوم وانتظرت فرصة للعمل حتى تم الإعلان عن مسابقة التربية، سرعان ما قدمت أوراقي وقبلت، ولكن خارج المحافظة لأن هذا الاختصاص لم يكن مطلوباً في اللاذقية، وكي لا أفوت هذه الوظيفة من يدي استأجرت غرفة في دمشق، باشرت العمل ولكن راتبي لم يكفِ أجار الغرفة حتى يلبي متطلبات أخرى، ولكني تابعت العمل رغم الظروف الصعبة التي مررت بها حتى لا تضيع هذه الفرصة التي انتظرتها طويلاً عسى أن يوافق على طلب نقلي بعد فترة.
* السيدة ميرنا قالت: درست التجارة والاقتصاد، وعندما تخرجت لم أجد وظيفة أو عملاً في أي شركة أو مؤسسة لذلك اتجهت اتجاهاً آخر أي أني خضعت لدورات في تصفيف الشعر والمكياج وافتتحت صالون تجميل خاصاً بي ولا أندم على هذه الخطوة لأني وجدت نفسي في هذا المجال ودخلي شهرياً يعادل دخل موظف عادي خمس مرات كما أن الإنسان عندما يحب عمله يبدع فيه لذلك على كل شخص أن يتجه الاتجاه الذي يرى نفسه مبدعاً فيه لا أن يكون كالآلة يحصل على شهادة جامعية ولا يتقبل العمل إلا بما ينسجم مع شهادته.
* السيد آدم قال: جميع الشباب يحلمون بغدٍ مزهر ومكانة اجتماعية ودخلٍ جيد هذا ما يجعل لديهم تصادم بين الواقع والخيال، وفي واقعنا الحالي هناك اعتماد كبير على الأهل في اتخاذ القرارات والخوف من المسؤولية فالشاب يجد صعوبة في تكوين ذاته بنفسه وإنما يكون اعتماده دائماً على والديه فهناك شبان تكون ميولهم الهندسة، ولكن الأهل يضغطون عليهم ويوجهونهم نحو كلية الطب لذلك هناك فشل عند بعض طلاب الطب والعكس صحيح في جميع الاختصاصات ولكن عندما يقرر الإنسان ماذا يريد ويتجه باتجاهه فإنه يبدع فيه ويصبح المجتمع معافى.
* السيد حسام: ندرس في الجامعة نمطاً معيناً من المعرفة وعندما ندخل سوق العمل نتفاجأ بأنه مختلف عما تعلمناه خلال دراستنا، فعندما ندرس الأدب الانكليزي فإننا لا ندرس ما تعلمناه في المدارس عند التعيين كذلك كلية الاقتصاد يحتاج الخريج لدورة تدريبية للدخول في سوق العمل وغيره من الاختصاصات وما يصيب الشاب بالإحباط هو ربط دراسته بسوق العمل بعد تخرجه ونسبة البطالة الموجودة في وقتنا الحالي وأن الشاب يرى أقرانه بدون عمل مع أنهم سعوا كثيراً للوصول إلى الوضع الذي هم فيه من مستوى عملي ولكن لم يحصلوا على فرصتهم تطبيق ما تعلموه وما سعوا لأجله.
* السيد جود قال: أغلب الخريجين تكون لديهم مشاريع تخرج يسعون لجعلها متاحة على أرض الواقع ومن يسعَ للعلم لا يسعى لأن يكون عمله له مردود مادي له وإنما تطوير العلم يحتاج لمردود مادي، لا يمكن للإنسان العيش من وراء العلم وإنما يجب أن يجد شيئاً بعد إتمامه العلم يعمل به ويعيش من خلاله.
ويجب أن يبحث الإنسان عن ممول لتطوير مشروعه ومساعدته لإيجاد فرصة عمل باختصاصه فمن يزرع في عقول أبنائه أنه يدرس في الجامعة ليحصل على فرصة عمل فهذا واقع خاطئ وإنما يجب تعليمهم أن العلم من أجل العلم فقط.

بتول حبيب

تصفح المزيد..
آخر الأخبار