تعتبر المخدرات من أخطر الآفات التي تهدد صحة الأفراد، و المجتمعات على حد سواء، وبمناسبة اليوم العالمي لمكافحة المخدرات، الذي يصادف اليوم وبهدف التوعية من مخاطر المخدرات وسبل العلاج والوقاية منها، التقينا الأستاذ الدكتور فاطمة عدنان حلاج؛ أستاذ ورئيس قسم طب الأسرة والمجتمع في كلية الطب البشري في جامعة اللاذقية.
تقول الدكتورة الحلاج بدايةً إن الإدمان ليس فقط على المخدرات، وإنما يطال الأدوية والكحول، كما أن التدخين أيضاً يعتبر إدماناً، وذلك لاحتوائه على مادة النيكوتين، كذلك الكحول مادة مؤثرة على العقل ولها خصائص إدمانية، أما أشهر المنشطات فهي الأمفيتامينات، والقات والكوكائين، ومادة الاكستاشي أو الميثامفيتامين أو الكريستالميث أو الشبو، القات، والحشيش، وحبوب الكبتاجون التي تنتشر في المجتمعات العربية، إضافة إلى الأفيونات وهي مواد طبيعية أو مصنعة جزئياً أو كلياً ولها مفعول قوي مسكن للألم لذلك فهي ما زالت تستعمل طبياً في تسكين الألم أو في بعض الحالات الطبية، وقد تؤدي إلى الإدمان عند تجاوز الجرعات الطبية الموصوفة.
أما كيفية سبل العلاج من الإدمان أشارت الدكتورة الحلاج إلى أن الخطة العلاجية للإدمان يجب أن تكون بإشراف طبي متخصص، وتتضمن إزالة أوتخليص الجسم من المادة المسببة للإدمان، وخلال هذه الفترة يعاني المدمن من أعراض الانسحاب، وهي أعراض جسدية ناجمة عن تنظيف الجسم من المواد السامة، ويتم السيطرة على هذه الأعراض عن طريق الأدوية التي تعطى بإشراف طبي، وتختلف هذه الأدوية حسب نوع المادة المسببة للإدمان.
وعن أهمية العلاج المعرفي السلوكي أوضحت الدكتورة الحلاج أنه علاج نفسي يخضع فيه المدمن لعدة جلسات علاجية، فردية أو جماعية، ومن الضروري أن تكون العائلة جزءاً من هذا العلاج، منوهة إلى ضرورة دمج العلاج الدوائي مع العلاج السلوكي والدعم العائلي وبقاء الشخص تحت الإشراف والمراقبة الطبية طيلة فترة العلاج وصولاً إلى التعافي، وما بعد التعافي لضمان عدم عودة الشخص للإدمان.
وبالسؤال عن المخاطر الصحية للإدمان على الصحة الجسدية والنفسية تجيب الدكتورة الحلاج بأنه يترتب على تعاطي المخدرات العديد من الآثار الصحية، وعلى كل أجهزة الجسم، حيث يصاب المتعاطي بنزلات البرد وذات الرئة ومن الممكن أن يؤدي إلى انتفاخ الرئة والسرطان، كما أن المتعاطي قد يلتقط عدوى السل الرئوي، كذلك يعاني المتعاطي من تسرع القلب ويزيد لديه احتمال الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية والجلطات الوعائية التي تؤدي بدورها إلى الوفاة المفاجئة.
وتطرقت الدكتورة الحلاج إلى احتمال إصابة المدمن بفيروس الإيدز وفيروسات التهاب الكبد B وC نتيجة استخدام الإبر والمحاقن الملوثة أثناء التعاطي، إلى جانب تأثيراتها على الجهاز الهضمي من فقدان شهية، وسوء هضم والقرح المعدية والمعوية، كما أنها تضعف القدرة الجنسية، ومن الممكن أن تسبب تشوه الأجنة.
وحول تأثيرات المخدرات على الصحة العقلية أشارت الدكتورة الحلاج إلى أن المخدرات تسبب خمولاً بدنياً وأضراراً في القوى العقلية والفكرية، حيث يصبح المتعاطي غائب العقل متذبذب الوجدان، مهتز الشعور، مضطرب الإدراك ، معطل التفكير ويميل إلى العزلة، والانسحاب من المجتمع ويعاني من التوتر والقلق والاكتئاب، وقد تصل إلى فقدان الذاكرة والجنون، إضافة إلى المشاكل الأسرية، وقد يقتل المتعاطي أو يسرق بهدف الحصول على المادة المخدرة.
وبخصوص التوعية المجتمعية حول مخاطر الإدمان، أكدت الدكتورة الحلاج أهمية التنشئة الخلقية والدينية التي تربط الإنسان بالله عز وجل وتغرس فيه القيم والمبادئ السامية، إضافة إلى الرعاية الأسرية والمناهج التعليمية من خلال المؤسسات التربوية الجادة، لافتة إلى دور وسائل الإعلام بمجالاتها المتنوعة التي تنشر الوعي عن المخاطر على صحة الفرد والمجتمع وسبل الوقاية ومراكز العلاج المتوفرة في سوريا، ومن أبرزها المرصد الوطني لرعاية الشباب في سوريا، إضافة إلى مستشفى ابن رشد في دمشق، وهو من أشهر المراكز العلاجية التي تقدم خدمات علاج الإدمان مجاناً في سوريا.
ربوع ابراهيم