العدد: 9285
5-2-2019
بعد تغطية صحيفتنا منذ مدة للمحاضرة التي ألقاها المحامي العام بطرطوس السيد محمد سليمان والقاضي محمد خضور حول الجريمة الالكترونية ومخاطرها على رواد المواقع الالكترونية من الهفوات القانونية التي قد تشكل خرقاً للقانون نتيجة جهل الشباب بهذه القوانين فوجئنا بكم الاستفسارات الهائل الذي وردنا وفي أحيان كثيرة تم سؤالنا بشكل شخصي حول بعض النقاط والتي كنا نجهل الإجابة عنها لدقتها ونتيجة لشدة التساؤلات الواردة واختصاصيتها بعد نشرنا للمادة قمنا بمراجعة السيد المحامي العام للتوسع والإجابة على بعض الأسئلة التي تشغل بال جمهور المتعاملين مع المواقع الالكترونية وقد كان شديد التعاون معنا لإيصال هذه القوانين كي لا يقع أحد في أخطاء قانونية قد تودي به إلى عقوبات شديدة فبعض الجرائم الالكترونية تصل مدتها إلى خمس سنوات سجن وهذا ما لا نتمنى حصوله أبداً، ولمزيد من الإيضاح والدقة القانونية تمت إحالتنا إلى القاضي (محمد خضور) رئيس محكمة بداية الجزاء الناظرة بقضايا جرائم المعلوماتية والاتصالات في محافظة طرطوس والتي صدرت بالقانون رقم 17 لعام 2012 وأحدثت المحاكم المعلوماتية الناظرة بها بالقانون رقم 9 لعام 2018.
القاضي خضور عرف لنا الجريمة الالكترونية حسب نص القانون بأنها كل جريمة ترتكب من خلال جهاز حاسوبي أو عبر شبكة الأنترنت أو أي منظومة معلوماتية ويقع الضرر فيها سواء على الأشخاص أو المؤسسات عامة كانت أو خاصة، وقد فرّق المشرع السوري بين حالتين لهذه الجريمة وهما:
الحالة الأولى (الجريمة الالكترونية الاعتيادية): وهي كل جريمة ترتكب من جهاز الكتروني أو عبر الشبكات المعلوماتية ويكون منصوصاً عليها بقانون العقوبات السوري كجريمة اعتيادية، ويوضح القاضي هنا هذا النوع من الجرائم بأنه كل جريمة يمكن ارتكابها بدون الولوج إلى الشبكة ولكنها في هذه الحالة ارتكبت من الشبكة فدخلت ضمن نطاق الجريمة المعلوماتية ومثال ذلك توضيحياً (ترويج المخدرات) هنا هي جريمة اعتيادية ترتكب من المروجين على أرض الواقع ولها مدة عقوبة ضمن قانون العقوبات السوري وفي حال كان الترويج الكترونياً كصفحات (الفيس بوك، تويتر، واتس أب .. إلخ ) فهنا تصبح جريمة الكترونية ويعاقب الجاني حسب قانون العقوبات الخاص بتجارة وترويج المخدرات مع تشديد الحد الأدنى كونها ارتكبت الكترونياً.
الحالة الثانية (الجريمة الالكترونية الصرفة – المحدثة): ويكون فيها الجهاز المستخدم في الجريمة أو شبكة الانترنت أو المواقع هي موضوع الجريمة ذاتها كاختراق النظم المعلوماتية للأشخاص أو المؤسسات بقصد التخريب أو سرقة المعلومات والأسرار الشخصية أو العامة، وتنقسم الجريمة الالكترونية الصرفة إلى عدة جرائم حددها القانون بما يلي:
1- الدخول غير المشروع إلى أي منظومة أو موقع الكتروني، وهذا ما يسمى بكاسر (البروكسي) حيث يعمد الكثير من الشباب إلى استخدام هذا النمط من برامج فك الحجب للدخول إلى مواقع قامت الجهات المختصة بمنعها كالمواقع الجنسية أو الألعاب ذات الصبغة الإجرامية أو مواقع ترتبط وتدار مباشرة من قبل العدو والجماعات الإرهابية.
2 – اعتراض المعلومات بقصد التخريب، بعض محبي البرمجيات يقومون بذلك كنوع من إثبات قدرتهم على الولوج وتحقيق سمعة بين أقرانهم على أنهم مبرمجون جيدون فيعمدون لتخريب الأجهزة بنشر وتصميم فيروسات تودي إلى تعطيل كل ما هو مرتبط الكترونياً بموقع أو جهاز ما يختاره المبرمج عبر برنامج صممه بنفسه.
3 – الاستخدام غير المشروع لبطاقات الدفع الالكتروني، كتزوير بطاقات صراف تشابه ما هو متعارف عليه وتزويدها بأرقام حسابات لأشخاص معينين حيث يتم خداع الصراف ليظن أنها بطاقة الشخص المطلوب فيتم سحب مبالغ مالية من حسابه دون علمه بذلك، وهنا أيضا ينتشر بين جمهور الشباب ما يسمى بالعملة الالكترونية (البيت كوين) وهي عملة وهمية غير معترف بها في أغلب بلدان العالم يتم التعامل بها لشراء برامج معلوماتية تجسسية بهدف المراقبة.
4 – انتهاك حرمة الحياة الخاصة، وهنا ما نريد تحذير الشباب منه فمواقع الفيس بوك تعج بمعلومات شخصية يضعها الشخص نفسه بحسن نية وقد يتم استغلالها من شخص آخر فينشأ صفحة أخرى بنفس الاسم والصورة ويقوم بمراسلة نفس الأصدقاء بهدف جمع معلومات قد تكون شخصية جدا والكثير ممن يملكون صفحات فيسبوكية مروا بتجارب عديدة مع صفحات تنتحل شخصيتهم وفي أحيان كثيرة سببت مشكلات جسيمة في علاقات الأفراد العائلية.
5 – الاحتيال عبر الشبكة، كعمليات الابتزاز المالية عبر نشر إعلانات تغري المشتركين بالموقع أنهم ربحوا جوائز خيالية ولكن عليهم دفع مبلغ بسيط لإرسال الجائزة، أو حتى التحايل على مخدمات (السيرفرات) البنوك الالكترونية بهدف انتحال شخصية ما وسرقة أرصدته المالية وغالباً ما يكون لهذا النوع من الجرائم عصابات محترفة في فنون الاحتيال وبأشكال شديدة الخطورة، وهذه الجريمة الالكترونية هي الوحيدة من بين الجرائم الالكترونية المحدثة التي لا تعتبر جنحة بل تأخذ صفة الجناية إذا تجاوز المبلغ المسروق المليون ليرة سورية أو كان ضمن تشكيل عصابي خطير أو إذا كان الجرم ضد مؤسسة مالية عامة أو خاصة بما له من خطورة على المجتمع وضياع للحقوق المالية لشريحة ضخمة من المتعاملين.
6 – جريمة البريد الوارد، كإيصال معلومات إلى البريد الوارد لأي شخص بحيث لا يستطيع منع وصولها من المرسل إلا لقاء منفعة مادية وفي الغالب تكون برامج دعائية لمنتجات ممنوعة كالأدوات الجنسية.
7 – الانتماء إلى جيش الكتروني معادي للوطن، وتعتبر سورية من أوائل من تعرض لهجمات شرسة لجيوش الكترونية (الذباب الالكتروني) حيث يتم بث مقاطع مسيئة للوطن أو رموزه بهدف خلق رأي عام عالمي يضغط في سبيل قضية ما وعلى الشباب هنا الحذر فالاشتراك في أي من هذه الجيوش إلا المصرح لها يعتبر جريمة ويعاقب عليها القانون لما له من أثر تفكيكي لبنية المجتمع ونشر الإشاعات المغرضة لتحقيق غايات قذرة سياسية كانت أو اجتماعية.
النقد حق ولكن التشهير جريمة
وأشار القاضي خضور إلى أن أغلب الجرائم الالكترونية المحدثة هي جنحية الوصف (جنحة) باستثناء واحدة كما ذكرنا سابقاً وتمنى على جيل الشباب الحذر والحيطة وخصوصاً لمن ينشرون مذكراتهم وصورهم العائلية فمن السهل لأشخاص يدعون (بالهاكرز) اختراق حساباتهم وإدارتها واستغلال هذه الصور بطرق بشعة بقصد الابتزاز والمنفعة المادية، كما أن عليهم عدم نشر أي معلومات أو صور لأي أحد من أصدقائهم دون موافقته، وبخصوص سؤالنا عن الانتقادات التي توجه لإداء مسؤول حكومي ما؟ أجاب: النقد مسموح ومنصوص عليه في الدستور وهذا حق من حقوق المواطن لكن أغلب الناس يتجاوز النقد دون علم ليصبح تشهيراً موصوفاً وفي كثير من القضايا المنظورة أمامنا تم تجاوز النقد ليصبح نوعاً من السب والشتم العلني دون معرفة حقيقية بالقانون وهذا ما نريد إيضاحه للناس، فأغلب ما يثار على مواقع الكترونية ضد مديرين لمؤسسات عامة أو خاصة أو حتى شخصيات مشهورة يكون بلا دليل أمام القاضي ولا يستطيع ناشر هذه المعلومة تقديم دليل قانوني ملموس وهنا تكمن المشكلة ويمكن أن يؤدي للسجن.
ميزات للصحفيين
القاضي محمد خضور نوه إلى أن قانون النشر والصحافة أوضح ماهية عمل الصحفي وحدد طريقة عمله القانونية وماله وما عليه وكون الصحافة في الوقت الحالي بالإضافة للنموذج القديم قد دخلت الحيز الالكتروني من أوسع أبوابه فقد ضمن هذا القانون حرية الصحافة والصحفيين في الأطر القانونية وأعطى ميزات قيمة للصحفي تكفل استمرارية عمله دون إعاقة لو حدث وأقيمت دعوة قضائية ضده من أي شخص عادي أو مؤسسة اعتبارية من خلال إرسال وكيل عنه (محامي) دون إلزامه بالحضور شخصياً بينما على الأشخاص العاديين الحضور بأنفسهم كما أنه أستبدل بعض العقوبات بغرامات مالية عوضاً عن السجن وهذه ميزة للصحفي راعى فيها المشرع طبيعة عمل الصحافة وحرص على استمراريتها دون أية ضغوط من أي جهة قد تستخدم القانون لتعطيل وإعاقة العمل الصحفي الذي يعتبر سلطة رقابية فائقة الأهمية وخصوصا في الآونة الأخيرة حيث كان للصحافة الاستقصائية دور مهم في كشف بعض الفاسدين.
كنان وقاف