الشــــــارع ملاذهـــــــم الوحــــيد ولو كان خطــــــيراً

العـــــدد 9397

الاثنين 29 تموز 2019

 

 

في الشوارع والحارات، في مداخل الأبنية وعلى الأدراج، نراهم، نسمع أصواتهم، من مختلف الأعمار طبعاً ومن الجنسين يلعبون يلهون يركضون يتشاجرون ويضحكون ننزعج من أصواتهم ولكن أين المفر؟
الأطفال والشارع، ما هو هذا السرّ في حب الأطفال للعب في الشارع، ما هي هذه الجاذبية التي تجذبهم إلى الشارع…

* الطفلة نايا حمود 6 سنوات: أحب النزول إلى الشارع واللعب مع أطفال الحارة ولكن أحب أكثر اللعب في المنزل مع رفيقة لي وألعب معها لعبة الآنسة والطلاب أو السكرتيرة، والجارة…

* هيا إسماعيل 12 سنة: أحب اللعب بالشارع أكثر لأني أجد أكبر عدد من رفيقاتي والشارع واسع يستوعبنا نتسابق نركض نلعب (الطميمة) نشتري الأكلات اللذيذة أما في المنزل فلا نتمكن من ذلك لا يمكننا الاجتماع مع بعضنا في منزل أي منا.
* غزل: في الشارع نلعب أكثر ونصرخ ونركض، أما في البيت علي الالتزام بالصمت وعدم إصدار أصوات عالية لئلا أزعج أهلي ولا يسمح لي بإدخال رفيقاتي عددهم كبير وإذا لعبنا ضمن المنزل سنؤذي أثاث المنزل.
* حمزة 11 سنة: أحب الشارع لكن اللعب فيه خطير إذ سرعان ما أملّ وأصعد إلى البيت أتابع برامج التلفزيون وألعب على الموبايل.
* هبة 11 سنة: أحب اللعب على الموبايل وأتابع برامج التلفزيون لكن اللعب بالشارع يحقق لي متعة أكبر وإذا ما سمح لي أهلي أبقى طويلاً مع الأولاد في الشارع.
* نعمى 4 سنوات: أحب الشارع كثيراً بالحرف قالت: أتنفس أشمّ الهواء – لثغة ببعض الحروف- أتمشى مع البنات وأتفرج على لعبهم.
هذه عينة من الأطفال الذين يشكل الشارع متنفساً وجواً من البهجة والفرح والحرية.
* السيدة رهف قالت: لدي ثلاثة أطفال أعمارهم تتراوح بين 4 و 6 سنوات عندما يقفون على الشرفة ويشاهدون الأطفال بالشارع يطلبون مني النزول ولكن بحكم أعمارهم لا أجرؤ على ذلك فأضطر تحت إلحاحهم وبكائهم أن أنزل معهم ويبدأ مسلسل الركض والخوف والرعب من ألعاب من هم أكبر سناً وهكذا ورغم ذلك تغمرني السعادة كون أطفالي سعداء.
* السيدة سماح أيضاً أطفالها صغار 5-7 سنوات: لا أجرؤ أبداً على أن يلعب أطفالي في الشارع علماً أني أرى من في عمرهم ومهما بكوا وألحّوا عليّ لكن لا يمكن أن أسمح لهم بذلك وإذا ما اضطرني أنزل وأمشي معهم دون أن أسمح أن ينخرطوا بغيرهم لأني أحياناً أسمع بعض الكلمات وأرى بعض التصرفات التي لا تعجبني من بعض الأطفال فأنا أرى بأن الشارع يعلم الأطفال بعض العادات السيئة.
* السيدة رويدة: لا مفر من الشارع في غياب الملاعب والحدائق التي تستوعب الأطفال يكون الشارع هو الملاذ، في الحقيقة أكره أن يبقى أبنائي في الشارع لأوقات طويلة ولكن ما الحل؟ في الصيف لا دوام ولا دراسة والطفل يجب أن يلعب ويفجر طاقاته لو أنه يوجد منتديات صيفية وملاعب ومسابح كوننا في مدينة ساحلية وبأسعار مقبولة كنا عوضنا لأطفالنا إذ لا يمكنني أن أبعث أولادي الثلاث إلى المسبح أكثر من مرة أو مرتين في الأسبوع بسبب ضيق ذات اليد وغلاء الدخول إلى المسابح لأنني بحاجة 10 آلاف ليرة لكل مرة والطفل لا يمكننا ضبطه وحجزه في البيت وخاصة هذه الأيام صار يملّ من التلفاز والموبايل ورغم كل مغرياتهما يفضل في بعض الأوقات الخروج إلى الشارع رغم مساوئ الشارع..
* السيدة فاطمة قالت: ابنتي عمرها 11 سنة تلعب في البيت على الموبايل وتشاهد التلفاز لكنها تحب أن تتمشى مع زميلاتها في الشارع وتتسلى، وأحياناً أمنعها من ذلك لأنها تتأخر فأعاقبها وأمنعها من النزول في اليوم الثاني وتحدث مشكلة في البيت ونصير بحاجة مصلح.
* السيدة أم أمجد: قالت كي أبعد أطفالي عن الشارع وأرتاح من الشكاوى عليهم من الجوار سجلتهم في ناد صيفي بالمركز الثقافي من التاسعة صباحاً وحتى الثانية عشرة ظهراً وفي المساء دورات تعليمية لمادتين أو أكثر بقيت فقط ساعات الظهيرة يشغلونها في الراحة ومشاهدة التلفاز واللعب على الموبايل ولكن أحياناً أحسّ بمللهم وضجرهم ويطالبون بالنزول إلى الشارع لكني لا أسمح لهم مع أنني أتمنى ولكن ليس في هذه الحارات ومع أولئك الأطفال الذين لا يعجبني لعبهم ولا سلوكهم أخاف أن يتأثر أبنائي بهم..
* السيدة لجين، قالت: أبنائي 8-10 سنوات مع أني سجلتهم بنادي سباحة ورياضة لأشغلهم بضع ساعات لكن نزلة الشارع بالنسبة لهم لا تعوض، حاولت أمنع عنهم المصروف مقابل الشارع وانتصر الشارع والحارة تخلوا عن المصروف مقابل نزلة الشارع إذاً فهو شيء محبب وغالٍ عندهم فتنازلت ولكن ضمن شروط وقيود وبزمن محدد خوفاً عليهم ومنهم.
* السيد عدنان قال: لدي ولد واحد 10 سنوات وكونه وحيداً لا أجرؤ أن أتركه يلعب بالشارع غالباً ما أنزل معه أو أبقى أراقبه من على شرفة المنزل ودائماً أصطحبه بمشاوير ونزهات لأعوضه عن اللعب مع أقرانه مع معرفتي المسبقة أن اللعب مع أقرانه وأينما كان أفضل له ولشخصيته وبنيته النفسية والجسدية.
في مقابل كل هذه الآراء لا نستطيع تجاهل من يسكنون في الطوابق السفلى إضافة لمن ليس لديه أطفال ويتلقى الأثر الأكبر من إزعاجهم وأصواتهم.
السيد علي بيته أرضي ولديه محل سمانة يجلس من الصباح للمساء في محله ولا ينفك يصرخ على الأطفال أن يصمتوا ويرجعوا إلى بيوتهم قال بالحرف: سببوا لي مرضاً من الصراخ والركض والمشاجرات وأحياناً يضربون الحصى والحجارة الصغيرة لم تسلم أشجار الحديقة المنزلية وورودها من عبثهم وكي يرتاح أهلهم منهم يدفعونهم إلى الشارع.
السيدة أم ذكاء قالت: أنا أنزعج عليهم إذ لا مفر لهم غير الحارة والشارع ولكن أحياناً إزعاجاتهم تفوق الحد- صراخ مشاجرات على لعب الكرة وهناك أهالي لا يهمهم أن يكون الشارع ملاذ أبنائهم من الصباح وحتى وقت متأخر من الليل المهم أن يرتاحوا منهم ونحن من نتحمل…
في ضوء كل ما سبق حتى نحن الكبار نحب الشارع والمشي والتسلية فالإنسان بطبعه يحب الأنس والتسلية واللعب فكيف بهؤلاء الصغار إذ إن اللعب بالشارع عدا عن الاختلاط مع الآخرين والتواصل معهم يقوي شخصية الطفل ويعلمه ويخلق حميمية بين الأطفال حتى ليحسبوا الشارع وكأنه بيتهم يفرغون به طاقاتهم وضغوطاتهم ولكن شرط توافر الأمان والابتعاد عن إيذاء الآخرين.
رأي مختص
وكي نقف على رأي علمي حول موضوعنا التقينا بأخصائية نفس الطفل الخبيرة الاجتماعية معينة أحمد حيث قالت:
كلنا يعلم أن اللعب واللهو من أهم حاجات الطفل وخاصة بالهواء الطلق لأنه أكثر فائدة لصحة الطفل النفسية والجسدية ولكن أين يلعب؟
من المفروض أن تكون هناك مسطحات خضراء وفسحات وحدائق وملاعب مجهزة خصيصاً لأن تستوعب الأطفال يفجروا فيها طاقاتهم النفسية والجسدية بعيداً عن مخاطر السيارات وبعيداً عن تسبب الأذية للآخرين لا في الشوارع والحارات وبين السيارات والمنازل والأبنية فتخلق مشاكل اجتماعية وصحية إذ أن ضجيجهم وصراخهم يسبب أذية للغير وخاصة كبار السن وللأسف مدننا وحاراتنا تفتقر إلى كل هذه المميزات فيبقى الشارع الملاذ الأخير والمكان الوحيد لهم.

آمنة يوسف

تصفح المزيد..
آخر الأخبار