جـرحى ينشـــدون للوطـن في دار الأوبــرا بدمشـــق قريبـاً

العدد: 9394

24-7-2019

مهما اشتدت الأنواء والأوجاع وطيّرت العين، وبترت الساق، وأقعدتنا في كرسي مدولب بلا حراك، فنحن نغني ونشدو بكل ما فينا من نبض وحب وجمال، ولم تكن ليد عدو أو مخرب وحاقد أن تطال من وجودنا وأحلامنا فنحن خلقنا للحياة وأغانيها. 

فريد ونور وعمر وعلي وإبراهيم ومصطفى و.. تكابروا على جراحهم وكبروا بجبروتهم وفرحهم الذي لا تنضب مآقيه، لينشدوا (عنا عيون اشتاقت ليك.. وحنت للأرض الخضرا.. عنا عيون ترف عليك.. وتحميك شر النضرة.. أرض الأمجاد يا بلادي.. أرض الأجداد يا بلادي.. طيرك شادي وجوك هادي .. وأنت بالمجد حكايات..)

 

 

تتابع جمعية المقعدين وأصدقائهم بروفاتها الغنائية مع الجرحى في (دافنشي) إذ لا تفصلهم غير أيام قليلة عن صعودهم لخشبة دار الأوبرا في دمشق، العمل يجري في مكانه بنسق واتساق بل من القلب تطلع حيث وشمت على ظهيرته بعداً وقرباً (بكتب اسمك يا بلادي.. ع الشمس الما بتغيب..)

السيدة فريال عقيلي، رئيسة جمعية المقعدين تستقبل الجرحى من قرى اللاذقية وجبلة وتساعدهم للوصول إلى القاعة بكل أمان وسلام، وتسأل عن الباقي ممن فاته السرفيس وتغيب، لتقول: الوقت يضيق علينا، ولم يعد يسمح بالتغيب والكسل لأي سبب كان، ممنوع الاعتذار أريدكم جميعاً أن تنشدوا في أوبرا دمشق ليسمع الجميع أغانيكم كما سمعوا صوت بنادقكم وهتافاتكم بالنصر في ساحات القتال، فاليوم لكم وغداً وكل يوم يليق بكم الفرح.
المدرب والموسيقي منار أشار إلى أن كل الأغاني التي يتدربون عليها هي للمرة الأولى، وتتخللها أغنية كتب كلماتها الجريح أيهم زين فقال: ألف أغنية في الحفلة السابقة التي قدمناها على خشبة مسرح مديرية اللاذقية، يتعلم الشباب على 14 أغنية أولها النشيد العربي السوري و(الجولان لنا، كلمة حلوة، هالأسمر اللون، كانوا يا حبيبي، ميلي يا جنات بلادي، مهما يتجرح، عندك بحرية، موطني، خبطة قدمكم، بكتب اسمك يا بلادي، صف العسكر، أغنيتي أيهم لوطن الغار..) الشباب تحسنوا اليوم وقد تمكنوا من اقتناء أصوات جميلة خطت بأصول فنية واعتلت سلم الصول ودو ري مي حتى أصبح بعضهم يؤلف الأغاني ويدمدم بالموسيقا والنغمة، ويتأهبون لاعتلاء منصة أوبرا دمشق عما قريب، فقد كان موعدنا في 18 الشهر الجاري أجلناه لأجل قريب من افتتاح معرض دمشق الدولي الذي سنشارك فيه فتكون لنا سفرة واحدة وليس اثنتان لأجل دار الأوبرا والمعرض فنوفر العناء والجهد علينا جميعاً فلدينا 42 جريحاً و20 صبية.
نور، إبراهيم، محمد، مصطفى، حسن، جميعهم أكدوا أن هذا الكورال أصبح نواة حياتهم التي يدورون حولها، وأغانيهم تنفخ الروح فيهم، لتتقد مشاعلها في دروبهم الوعرة، وهذه الدروس تذكرهم بصفوفهم وأيام المدرسة وشقاوة الأولاد حيث العبث والعفوية وأحلام تكبر بهم وتطيرهم للمستقبل والغد، لكنها دروسهم اليوم يأتون لأجلها فقد باتت جزءاً من حياتهم، يقول إبراهيم: إنه ينهض باكراً على عجلة وبعجلات كرسيه في يومي السبت والثلاثاء ويحضر نفسه لملاقاة أصدقائه في دافنشي يغني معهم ويسأل عنهم، ويحسب نفسه مطرباً يصدح بصوته وينشد فرحاً لوطنه وأهله فهو ما انفك يزرع فيهم الفرح والأمان والانتصار، وأفصح عن بعض المعاناة بأنه تسرح منذ 2015 ونال راتبه لخمسة أشهر فقط ثم انقطع عنه، هو منذ أكثر من 14 شهراً لم يقبض راتباً كما لم يأخذ تعويضاً ولم ينل بطاقة جريح وطن ونسبة عجزه 100% كما رفيقه نور، حتى أن معهداً خاصاً لا يود ذكر اسمه اتصل كادره به وأخبره بالرجوع إليهم لأخذ بعض المعلومات وكان لهم منه ما أرادوا وظن بهم خيراً إلا أنه تفاجأ مما أتوا على ذكره بأنه نال من عندهم نصيبه من المعونة والمال، وهو قد أقسم بأنه لم ينل منه شيئاً وحتى لو بوزن قشة، يحتار بأمره كيف له أن يعيش، يذهب لمكتب الجرحى والشهداء يطالب بعقد وظيفة أو ببسطة يسترزق منها فلا يجد عندهم غير الرفض فلا وظائف وشواغر ولا مساحة على الرصيف، وهو ما يضيق عليه الخناق، ليأتي اليوم وينشد للحياة.
يضحك مصطفى وينادي به (سمعنا صوتك) ويضيف: كلنا مشاريع مطربين، لكن نخاف أن نتدرب في البيت ويسمع الأهل والجيران ويطردوننا من البيت!
ريتا متطوعة بالجمعية تشارك بالغناء الجماعي مع الجرحى ورفيقاتها ولا تتغيب عن البروفات وتود الوصول لدار الأوبرا في دمشق عما قريب ولهم غيرها من الحفلات، وتؤكد أن الغناء مع هؤلاء الشباب كله فخر واعتزاز.

هدى سلوم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار