العدد: 9393
الثلاثاء23-7-2019
مجموعةٌ بلا نوافذ الشّابات بملابس موحّدةٍ، تحمل الواحدة منهنّ لوحةً مكتوبٌ فيها: تكسير مياه.. تلوين الرَّماد ونسجه خيوطاً .. حشواتٌ لغويّةٌ داخل اللّسان والأسنان، للتّحدث بكلِّ اللغات وبطلاقة أهلها، كما نسعد بتقديم ((فحم)) نارجيلةٍ يشتعل ألواناً تماشياً مع ألوان الملابس والشتاء.
وللاطمئنان: تمّ التأكيد على أنّ مجمل الخدمات تتبع لنظرياتٍ عمليّة مجّربة، وفي مقدّمتها تركيب عدساتٍ للرؤية اللّيلية!!
ولأننا في عصر تحويل الخيال العلميّ إلى حقائقٍ، فقد أقبل جمهورُ غفيرٌ لشراء ما يلزمه.
ليست بمفاجأةٍ كبيرةٍ حين جُمعت المبالغ بإصالات وفق الأصول، على أن يتمّ تفعيل تلك الخدمات بعد أربعٍ وعشرين ساعةٍ لكلّ مشترك قبل عقودٍ لم أُفلح مع عشرات الجميلات بعد التّعرف عليهن، في لقاءٍ واحدٍ مع إحداهن كلّ وعودهن كأفقٍ مكسورٍ بخيطٍ واهٍ، لأنّني لا أملك من الحقيقة شيئاً.
وبدوري اقتربت من تلك الباقة من الفتيات، وأبديتُ رغبتي بشراء بعضٍ من الحقيقة، فقلن بصوتٍ واحدٍ أشبه بمغادرة الرّبيع: الحقيقة موجودةٌ في كوكبٍ آخر، وإنْ وصلت إلى كوكبنا، فهي تُباع للحكومات وللدول.
ما كان منّي إلّا أنْ أدرتُ ظهري كما تدير السيّارة ظهرها، وبصحبتي صحيفةٌ إعلانيّة عنوانها يُفصح عن افتتاح مطعمٍ للوجبات المستعملة!
ولا أدري كيف وصلتُ إلى مقهى قريبٍ لأتناول قهوتي، ولكنْ في كأسٍ كبيرة هذه المرّة، تخلُّصاً من تلك القيلولة المزعجة، وخوفاً من أن يغلبني النوم ويقودني إلى حُلمٍ مزعجٍ آخر.
سمير عوض