عنـــاد يتأرجــح بين ضفتي زوجــــــين .. والفائــز بينهما خاســـــر

العـــــدد 9392

الإثنـــــين 22 تموز 2019

 

إن اختلاف الأزواج في الفكر والروح والشخصية يجعلهم في نقار وجدال، وأحياناً تأخذ بعض آرائهم الحداد والعناد، ولكن عناد الزوجة وتصلبها على رأيها يشتكي كثيراً منه الزوج المتسلط، والذي غالباً ما يرفض رأياً آخر، ليقع اللوم على الزوجة التي تضع العراقيل في عجلات الحياة الزوجية.
هل العناد ينحصر حضوره في المرأة؟ ترى لماذا تلجأ بعض الزوجات إلى العناد؟ وهل تجد فيه مصدراً لقوتها؟ أم أنه يخفي شيئاً من الضعف والدلال؟

الآنسة عفراء العلي، علم نفس، أفادتنا ببعض نصائحها في هذا الموضوع لتقول بداية: إن العناد صفة موجودة عند الرجل والمرأة، فهو السلاح الوحيد الذي تدافع به عن نفسها أمام قوة وجبروت الرجل واستبداده على رأيه أحياناً، ولأنها إنسانة لا تقوى على الصراع الخشن تلجأ إلى الرفض السلبي لما تراه، ولا يتوافق مع أسلوبها ومشاعرها، فيترجمه الزوج على أنه عناد وتبدأ المشاكل، ويرى البعض أن عناد المرأة أخطر أسرار جاذبيتها، وتستخدمه بدرجات متفاوتة لإثبات وجودها أو لتلفت النظر إليها، والرجال يحبون عناد المرأة الممزوج بالدلال فقط .
وأشارت إلى أن اسباب العناد كثيرة فقالت: إن عناد الزوجة قد يصل بجذوره إلى مراحل حياتها الأولى نتيجة تربية خاطئة، فالطفلة قد تتشبث برأيها فيبتسم الوالدان وينفذان ما تطلبه، ثم يتطور الأمر إلى أن تصبح شابة، ليتحول بعد ذلك إلى سلوك يومي يرافقها في زواجها، ويمثل نوعاً من التمرد، وقد يكون العناد تقليداً للأم، فالمرأة التي نشأت وترعرت في بيت تتحكم فيه الأم، وتسيّر دفة مركبه، تحاول ابنتها أن تحذو حذوها في بيتها ومع زوجها، بل وربما تختار زوجاً ضعيف الشخصية حتى يتحقق لها ما تريد، كما أن الشعور بالنقص يعد من أهم العوامل المؤدية للعناد، وقد يكون هذا الشعور لدى المرأة قبل الزواج نتيجة المعاملة الأسرية التي تفتقد للاحترام والتقدير وبث الثقة في النفس، وقد يكون وليد ظروف الزواج، فالمعاملة القاسية للزوجة، وعدم تقديرها واحترامها قد يدعم ذاك الشعور لديها فتلجأ إلى العناد للتغلب على هذا الإحساس.
وقد جاءت آراء بعض الزوجات:
السيدة سهير، متزوجة منذ سبعة أعوام: العناد قد يسبب مشاكل لا حصر لها بين الزوجين، فهو الفلفل الذي تنكه به بعض القرارات، والتي يمكن أن تكون مصيرية داخل جدران منزل الزوجية، وقد يكون فيها الخير والصواب، إذا كان يشكل الترغيب والحث على بعض الأعمال المميزة، إذ أن الإصرار أحياناً على بعض الأمور، قد يسبب تغيراً إيجابياً للحياة الزوجية، أما العناد الصلب للمرأة فقد يكسر أشياء جميلة بينها وبين زوجها.
السيدة نور، متزوجة منذ أكثر من خمس عشرة سنة: المرأة والعناد كل منهما مكمل لفيزيولوجية جسمها، ولكن عندما يتحول العناد إلى خلق مشكلة حينها يكون عنادها المدخل السهل الذي تلجأ له حينما ترغب بخلق مشكلة، والحياة الزوجية لا تستقيم إلا بالتفاهم والمصارحة واحترام الآخر.
السيد جابر دو هجي، مرشد اجتماعي: يعتبر البعض هذه الظاهرة أحد فيروسات الحياة الزوجية، والمسبب الرئيسي للمواقف المتوترة والحادة بين الزوجين.
شكل هذا الموضوع محور حديثنا مع الأستاذ دوهجي والذي قال: قد يأتي العناد من قبل الزوجة نتيجة لعدم التكيف مع الزوج، والشعور باختلاف الطباع، فيكون العناد صورة من صور التعبير عن رفض الزوجة سلوك زوجها، وتعبيراً عن عدم انسجامها مه في حياتهما الزوجية، ومن ناحية أخرى فإن تسلط الزوج وعدم استشارته للزوجة هو الاستهزاء بعينه، قد يدفعها في طريق العناد، فهناك بعض الأزواج لديهم أفكار خاطئة عن عدم أهمية رأي الزوجة، أو على الأقل عدم اللجوء إلى مشاورتها في الأمور العائلية والمنزلية خاصة الهامة منها.
وأشار إلى علاج عناد الزوجة فقال: يكون أولاً بتجنب الأسباب المؤدية للعناد، وإذا كان العناد طبعاً فيها فيجب على الزوج أن يحاول قدر المستطاع تجنب مواضع النزاع حتى يخلصها من هذه الصفة، ولتقليص العناد وتذويبه عند الزوجة ينصح الطب النفسي للزوج أن يمنح الزوجة مزيداً من الحب والاهتمام والتقدير، وأن يتصرف بذكاء وهدوء في حال انبلاج عناد الزوجة، وليحاول امتصاص غضبها وتأجيل موضوع النقاش إلى وقت مناسب يسهل فيه إقناعها إذا ما كانت مخطئة، إن التعود على أسلوب الحوار واحترام الرأي الآخر ونسيان المواقف السلبية السابقة والتعامل بروح التسامح والتنازلات مطلوبة بين الزوجين حتى تسير الحياة في أمان واستقرار.
يمكن أخيراً الإشارة إلى أن هناك جانباً إيجابياً في عناد الزوجة خاصة في الأمور الاقتصادية والمادية، حيث تدفع الزوج للعمل والنشاط والتفوق والبحث عن مجالات جديدة لزيادة الدخل لكن في معظم الأحيان يكون العناد رغبة من الزوجة في السيطرة مما يتعارض مع رغبة الزوج، وفي هذه الحالة عليه توضيح الأمور لها قبل أن تستحيل عليهما الحياة، يتحول منزل الزوجية إلى حلبة صراع والأهم في هذا الموضوع عدم استخدام الأبناء كوسيلة للضغط أو لتحقيق المطالب، وتجنب إظهار الصراع أمامهم أو إشعارهم بأي خلل أسري، وكذلك عدم مناقشة المشكلات العائلية أمام الأقارب والأهل مما قد يزيد من حدة التوتر والخلاف.

هدى سلوم 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار