العدد: 9391
الأحد-21-7-2019
في العطلة الصيفية كُنا نأخذ قسطاً من الراحة أملاً في استقبال عام دراسي جديد نُقبل عليه باجتهادٍ وشغفٍ، لكنّ الوضع مختلف تماماً هذه الأيام.. وكأننا على موعد مع سباق ماراثوني بحجّة أنّ الوقت لا يكفي..
في العطلة الصيفية لم نكن نخضع لدورات الحساب الذهني أو ما شابه، ولم نكلّف أهلنا عناء التفكير والحيرة أين وكيف سنقضي العطلة !
كانت معلمة الصف في المرحلة الابتدائية تكلّفنا بإعادة نسخ كتاب القراءة طوال الصيف، وتؤكد لنا أنّ أول شيءٍ ستفعله بعد العطلة هو تفقّد هذا الواجب الذي طالما تذمّرنا منه لنكتشف حين كبرنا أنها تقصد تقويتنا في الخط والإملاء وبالفعل نجحت في ذلك.
كانت أيام الصيف تمضي هادئةً وجميلةً، نقضيها في رحلات عائلية متفرقة، وسهرات لا تُنسى تحت ضوء القمر، نستمع إلى أحاديث الأهل والأجداد وننام و نحن نُحصي عدد النجوم التي نعتقد أنها تبتسم لنا في صدر السماء!
لم يُطلق الأهل الرصاص ابتهاجاً بنجاحنا في الشهادتين الإعدادية والثانوية، ولم يتفاخروا بالهدايا الثمينة التي تُقدَّم اليوم للطلاب في مرحلة التخرج الجامعي. كانت أيام النتائج تمرُّ بسلام ولا تخلو من طقوس الفرح للناجح، والتوبيخ للراسب وبعد أيام يمضي الحدث وكأنّ شيئاً لم يكن..
عسانا نطبع قبلة اعتذار على جبين أبناء هذا الجيل، ونحن نبالغ في تخطيط مستقبله على أهوائنا، ونبرمجه على طريقتنا الخاصة، ونتفاخر في الجلسات الاجتماعية بما حققه أبناؤنا من أرقام ضخمة متناسين جوهر الأشياء وعمق العاطفة والتي أصبحت بعيدة بعض الشيء في زمن العولمة والتكنولوجيا!
نتساءل .. بهمسة عتب .. إذا كان ضوء القمر ورحلات الصيف الوديعة، وأناشيد سليمان العيسى، وأفلام الكرتون ذات المضمون الإنساني البحت، والشاشة البريئة بالأبيض والأسود، وأشياء أُخرى لا تزال أيقونة في البال هي التي كتبتْ مذكراتنا الدافئة وخطّتها بأنامل سحرية..
مَنْ سيكتب مذكرات أبناء هذا الجيل .. وكيف ستُكتَب !
منى كامل الأطرش