العدد: 9284
4-2-2019
للحياة ثلاث طرق- طريق الخير- وطريق الشر- وطريق الحق والعدل والرحمة والإيمان.
الانسان منذ نعومة أظفاره يختار ويحدد طريق حياته ومسيرة أيامه بملء رغبته وإرادته لتحقيق هدفه الأسمى والغالي على قلبه، وما تصبو إليه نفسه من أحلام وردية وتمنيات غالية الثمن وآمال عزيزة، يختار طريق الخير لأنه طريق العبور إلى لجنة ومفتوح على مصراعيه لكل الآفاق لتقديم العون والمساعدة لكل محتاج على سطح الكرة الأرضية من الفقراء والمساكين، وإطعام الجياع من كافة الطبقات والأجناس وحتى الطيور والحيوانات الأليفة، مسيج بالأزهار ومفروش بالورود وبأصوات العصافير والطيور والفراشات الملونة التي تجذب روضة الأزهار، وأغاني شلالات الحب وهي تهوي من أعالي الجبال تعزف على أوتار المشاعر أجمل الألحان، ولأنه طريق النعمة والبركة من أصحاب النوايا الصادقة والقلوب المملوءة بالحب والإيمان والتآخي والوئام ما بين أبناء آدم وحواء بعيدة كل البعد عن الحسد والأنانية والحقد والكراهية وحب الذات، ويكون دائماً مسؤولاً أمام الله وضميره عن كل شاردة وواردة، وتقصيره بواجباته الإنسانية والوطنية والعائلية وقت الحاجة والضيقات ولأنه أيضاً طريق الأرواح البريئة السمحاء والقلوب الطيبة التي منها تفيض ينابيع الخير والحب والعطاء وتجري في السواقي والأنهار والسدود والأحواض لتروي الأرض وما فيها وعليها والنفوس الظمآنة.
أما طريق الشر محفوف بالمخاطر ومسيج بالأشواك، ومعبّد بالألغام والصواعق والبارود وشديد الانفجار، وولاعة نار لإشعال نار الحرب وحصر الأرواح وقتل الأبرياء من الشيوخ والنساء والأطفال.
ونار الفتنة بين الطوائف والأديان والحقد والكراهية في قلوب الناس، حالك الظلام لا تشرق في سمائه شمس الحياة كالمناجم والكهوف والأنفاق لا يعرف طريق الرحمة ولا يحس بروح الإنسانية ولا بالمسؤولية الوجدانية عدد مكروه من قبل كل الناس لا يصاحبه أو يرافقه المشوار إلا أصحاب النوايا الخبيثة والقلوب الحاقدة البعيدة كل البعد عن المبادئ والشرائع السماوية وعدالة الله على الأرض الداعي دوماً إلى الرحمة والمعاملة الحسنة، وتحريم قتل النفس لأنها هبة الله السماوية لا يحق لأحد أخذها بالقوة إلا الذي أعطاها ونبذ الشر بكل أشكاله وأنواعه حتى لا يقع في الخطيئة الجسيمة ويندم.
أما طريق الحق والعدل والرحمة والحياة هي شريعة الله السماوية التي حددها في وصاياه بأنه هو طريق الحق والحياة من يؤمن به قلباً وروحاً ويتبعه ويكون معه دائماً لا ينساه ويكون له عوناً وقت الشدة والضيق وله منزل في فردوس السماء، ويدعه يمشي في الظلام، ومن يشرب من ينبوع محبته لا يعطش مدى الحياة وحياته تبقى مضاءة بنور الله ومغمورة بالنعمة، وهذا ما حدث في وطني الجريح صاحب القضية والضجة لأعداء الدين والإنسانية، وأبنائه البررة الذين يؤمنون بوطنيتهم وبحبهم العميق لوطنهم يفدوه بالروح والكبد فهو لا ينساهم ويحميهم ويرعاهم ومن غادروه قسراً وشربوا ماء وعاشوا طيب لياليه.
واستنشقوا هواءه العليل وعطر تراب أرضه، وأكلوا رغيف خبزه، واستمتعوا بلذة طعامه وعاشوا نعيم خيراته، ومحبته وجمال وحلاوة أيامه وسحر لياليه لا بد من عودتهم إليه لأنه الرباط المقدس ما بين الوطن وأبنائه واشتياقهم الدائم لمسقط رأسهم وإلى دفء وحنان حضنه ليستمعوا إلى دقات قلبه التي تناشدهم وتدعوهم وتناديهم في الليل والنهار وفي الصباح والمساء لأنه الأب الرؤوف الذي يحبهم ويريحهم من أثقال هموم الحياة وعذاب معاناتهم ليعيشوا تحت بيرقه بنعيم السعادة والفرح وراحة البال والاطمئنان على مستقبلهم المشرق.
عيسى موسى موسى