على طــــــــريق إعــــادة الإعمـــــار «29».. الطاقة في سورية قطاع استراتيجي بامتـياز والعامل الأهم في تحقيق النمو…… المركــــــــــز الوطــــــــــني للمتميزين أحــــــــــد روافــــــــــد بحــــــــــوث الطّــــــــــاقة البــــــــــديلة
العـــــدد 9387
الإثنـــــين 15 تموز 2019
العالم بأسره في الوقت الحاضر في سباقٍ مع الزمن لإيجاد المصادر البديلة، خصوصاً بعد المؤشرات العالمية الّتي تدلّ على أنّ النفط على وشك النفاد في المستقبل القريب، أي أنّ مصادر طاقتنا الحاليّة ليست مستقرّة ولا يجب علينا اعتمادها لبناء مشاريعنا المستقبليّة، ومن هنا تبرز فكرة إيجاد مصادر بديلة للطاقة توفّر حلّاً عملياً لهذه المشكلة وبأبسط وأرخص المواد، لاسيما مع التخريب المتعمّد والسرقات والاعتداءات التي تعرّضت لها حقول النفط السورية من قبل الجماعات الإرهابية المسلحة، ومن هنا حاولت ومازالت المؤسسات والهيئات تقديم بحوث ومشاريع تعطي حلولاً تعتمد الطاقة البديلة وتسهم في عملية إعادة الإعمار الشاملة التي يضطلع بها كلٌّ من موقعه، ونسلط الضوء في الآتي على إحدى هذه الهيئات وهي المركز الوطني للمتميزين الذي يهدف إلى رعاية الطلبة المتميزين في الجمهورية العربية السورية وتنمية مواهبهم ومهاراتهم وقدراتهم في المجالات المعرفية والبحثية وتحفيزهم للتعبير عن إبداعاتهم العلمية والتقانية وتمكينهم من اكتساب مهارات التفكير العلمي والابتكاري كطاقة بشرية وطنية يتم توظيفها في خدمة الوطن وتطوره ورفعة شأنه، وقد أنشئ المركز الوطني للمتميزين وهو مركز تخصصي لتدريس الطلاب المتميزين بموجب مرسوم تشريعي من قبل السيد الرئيس بشار الأسد عام 2008 وافتتحه في شهر تموز 2009, و يعكس المركز الاهتمام الكبير بالطلبة المتميزين في سورية وتقديم الدعم والرعاية اللازمة لهم من قبل الدولة، وللحديث عنه كأحد مراكز الإشعاع العلمي في سورية وأحد روافد العلوم بمختلف اختصاصاتها ومنها علوم الطاقة لاحقاً ودوره في إعداد كوادر علمية مؤهلة ومتخصصة التقينا رئيس القسم التعليمي الأستاذ غسان حايك ورئيس شعبة العلوم الأساسية الدكتور نضال حسن، اللذان قدما لنا تعريفاً شاملاً وغنياً عن المركز ومشاريع طلابه الهامة والمميزة ودورها في رفد بحوث الطاقة البديلة: يستقبل المركز الطلاب من كل أنحاء سورية الناجحين في شهادة التعليم الأساسي والمحققين لشروط الانتساب بعد اجتيازهم اختبارات القبول الخاصة بالمركز، ومقره الوحيد في اللاذقية داخل جامعة تشرين، مدة الدراسة بالمركز ثلاث سنوات يحصل بعدها الطالب المتميز على شهادة الثانوية العامة للمتميزين, وبعد التخرج يلتزم المتميزون بالبرامج الجامعية والدراسات العليا المخصصة لهم، وتكون لهم الأفضلية في البعثات العلمية الداخلية والخارجية، ونستعرض في السطور الآتية أحد مشاريع طلاب المركز المتميزة خلال العام المنصرم: الكهرو انضغاطية، حيث أن أحلاماً وأمنيات راودتنا، خواطر وأفكار صاحبتنا، لازمت عقولنا، ألا وهي: فكرة الكهرباء المجانية النظيفة، فلطالما سعى الإنسان وحلم بها، فولّد الكهرباء إما عن طريق الطاقة الشمسيّة، أو طاقة الرياح، أو لربما بالاستفادة من حركة المدّ والجزر، وتعددت الأفكار والسبل، وفي هذا المشروع طبّقت طريقة مختلفة: الكهرباء الانضغاطية وتتجلى فائدة المشروع باعتبارها أحد الطرق المستقبلية الإبداعية في مجال الطاقة النظيفة وشبه المجانية وكونها وقود المستقبل، تمّ اختيار هذا المشروع من أجل توليد الطاقة الكهربائية بوسائل سهلة وبسيطة بحيث تكون متوافرة للجميع اعتماداً على خاصية الكهروانضغاطية لبعض المواد، وبالتالي يمكن الاستفادة من هذه التقنية في بعض التطبيقات الحياتية مثل الولاعات الكهروانضغاطية التي تستخدم لإشعال الغاز عن طريق شرارة، إضافةً إلى صنع مكبرات الصوت (الميكروفونات) التي تستخدم طاقة كهربائية صغيرة، وصنع بعض الأجهزة التي تصدر نغمات موسيقية بالاعتماد على أقراص سيراميكية محصورة بين قرصين معدنيين، وتابعا: هذا وكان المركز الوطني للمتميزين قد حكّم المشاريع البحثية المسجلة للعام الدراسي 2018 و2019 والبالغ عددها 35 مشروعاً باختصاصات الفيزياء والكيمياء والعلوم الحيوية والمعلوماتية إضافة إلى المشاريع المشتركة بين أكثر من مادة ضمن مؤتمر العلم العاشر الذي تخلله معرض المشاريع التطبيقية الثاني بجامعة تشرين، وحول آلية التحكيم والمعايير التي اعتمدها المركز بيّنا أن التحكيم تم من خلال لجنة مؤلفة من أربعة محكّمين كان فيها مشرف أكاديمي لكل اختصاص من أساتذة الجامعة في الفيزياء والكيمياء والعلوم والمعلوماتية والمحكّمون الثلاثة الباقون من أساتذة المركز حيث قدم الطلبة عرضاً لمشاريعهم والنتائج التي توصلوا إليها وبعدها تم النقاش بين المحكّمين الأربعة الذين يمتلكون نموذجاً محدداً لكيفية وضع العلامة لكل مشروع. وأضافا: إن هناك أموراً تمت مراعاتها خلال التحكيم تسمى بالحالة الإبداعية حيث تمّ وضع علامة إذا رأى المحكمون أن هناك منتجاً يشكل حالة إبداعية وفي النهاية تكون النتيجة النهائية محصلة متوسط العلامات الأربع للمحكمين، وتصدر النتائج نهاية العام الدراسي وتسجل في وثيقة الطالب، ومن مشاريع هذا العام: في مادة الفيزياء نذكر بعضها:
ـ التحكم بالجاذبية ويهدف إلى تفسير الجاذبية حسب فرضيات عدة ودراسة إمكانية التحكم بها.
ـ إخماد النار باستخدام الأمواج الصوتية، ويهدف المشروع إلى تصميم جهاز قادر على إخماد النار بكفاءة عالية وبشكل أفضل من مطفأة الحريق التقليدية.
ـ المقطر الشمسي ويهدف إلى تسخير الطاقة الشمسية والاستفادة منها وذلك للحصول على مياه نقية خالية من الشوائب بتكلفة أقل.
ومن مشاريع مادة الكيمياء الهامة:
ـ إنتاج الوقود الحيوي من مخلفات القهوة المستعملة، ويهدف إلى استخدام مصادر متوفرة بكميات أكبر وأقل كلفة لإنتاج الوقود الحيوي، والاستفادة من مخلفات القهوة لكونها تشكل ثاني أكبر كمية مخلفات حول العالم.
ـ إعادة تدوير النفايات الإلكترونية، بهدف البحث عن مخطط لتجربة متكاملة لإعادة تدوير النفايات الإلكترونية واستعادة المعادن منها لتحقق أعلى مردود اقتصادي، والمعادن المستهدفة هي الذهب والفضة والنحاس والألمنيوم.
ـ استخلاص المركبات الفينولية من قشور الرمان ودراسة فعاليتها بوصفها مضاد أكسدة. ومن مشاريع مادة تقانة المعلومات نذكر بعضها:
ـ دراسة التحكم العصبوني لطائرة مسيرة. SMART HOME بهدف تصميم بيت ذكي بدرجات أمان عالية. ـ تصميم موقع تسجيل إلكتروني في جامعة تشرين.
ـ نظام إقفال وحماية.
ومن مشاريع مادة علم الأحياء:
ـ المساهمة في الكشف عن بعض طفرات التالاسيميا في الساحل السوري.
ـ المساهمة في تقييم أثر الحافظات الغذائية على الكبد وصيانة الكبد المتضرر بمستخلص كبد الأسماك.
ـ تأثير الأشعة الميكروية في إنبات بذور القمح والشعير.
وهناك مشاريع المواد المشتركة نذكر منها:
ـ دراسة جودة الرمل السوري في إنتاج أنصاف النواقل، ويهدف إلى دراسة جودة الرمل السوري والمقارنة بين رمل مناطق عدة في سورية، وتحويل الرمل إلى نصف ناقل نقي، وإشابة نصف ناقل.
ـ الماء المعالج مغناطيسياً وتأثيره على بعض أنواع الجراثيم، وذلك بهدف دراسة الفرق في خصائص وبنية الماء قبل وبعد مغنطته، ودراسة تأثير الماء الممغنط على بعض أنواع الجراثيم والفطريات.
ـ فلترة الضجيج بهدف فصل الأمواج الصوتية المتداخلة وتحسين عملية فصل الأصوات برمجياً، وتحسين جودة الاتصالات، وغيرها كثير من المشاريع التي قدمها طلاب هذا العام، وبشأن مصير المشاريع التي يكون فيها حالة إبداعية نوّها إلى أن هذه المشاريع يتم تسجيلها في المركز بهذه المرحلة وتصبح ملكاً للطالب صاحب الحالة الإبداعية ويمكنه المتابعة بالمشروع في المرحلة الجامعية وفي البرامج الأكاديمية أو حتى بعد البرامج الأكاديمية ومع تخرجه من الجامعة وإيفاده في حالة الاستمرار بالدراسات العليا.
وأضافا: إن المركز لديه كل عام مجموعة من المشاريع الجديدة فضلاً عن مشاريع تستمر من الصف الأول الثانوي وحتى الثالث الثانوي وهكذا يكون هناك مشاريع يتم استكمالها على مدى عامين أو ثلاثة وجميع هذه المشاريع تسجل للمركز بإعداد الطلاب وإشراف مدرّسي المركز، وأوضحا أنه يتم التواصل مع الطلاب خريجي المركز الذين لديهم حالة إبداعية بعد تخرجهم ودخولهم إلى الجامعة.
نشير أخيراً إلى أنّ المركز الوطني للمتميزين باللاذقية يعدّ أحد فروع هيئة التميز والإبداع، وسيكون لمشاريع طلّابه دور هامٌّ وبارز في تحويل مصادر الطاقة الخام إلى مصادر متجددة قابلة للتدوير والتطبيق العملي، نأمل أن تبصر النور وتجد طريقاً لها بما يمكّنها من الإسهام في عملية إعادة الإعمار الشاملة وتوفير مصادر جديدة للطاقة تنعكس إيجاباً على حياة الأفراد والمجتمع وتؤمن لهم جزءاً من الخدمات الأساسية والترفيهية بأقل تكلفة وبأيسر الطرق والسّبل.
ريــــــم جبيلي