ما بين الأمس واليوم

العـــــدد 9387

الإثنـــــين 15 تموز 2019

هذا الواقع المؤلم من السنين جعل مني غمداً لنصل بحدين من الألم والتأمل، كلما حاولت استخراجه من غمده للخلاص من حد الألم خشيت فقدان الأمل في حده الآخر، ولذلك سرقت السنين العمر وهذا السارق لا يلقى القبض عليه لسؤاله ومحاسبته، فالحياة مد وجزر ورفض وقبول، والنفس يشع فيها نداء خافت لا زال هناك من بعض أمل لكن ما أقل الزاد وما أطول الطريق، ويتصاعد في أعماقي فيض من الأسى، فهل يطول السفر؟ فما في الواقع لا يتناسب مع ما في نفسي من طموح لكن شمسه آيله للمغيب، فالإنسان تخلى عن إنسانيته!!
كان أحدهم إن طلب عوناً لفك ضائقة حلت به يحصل عليه دون عناء، بل يقدم له أحياناً دون طلب منه، وإن تعرض لحالة مرضية يؤم داره الزائرين للاطمئنان وتقديم المساعدة، وإن دعي مكلفٌ لخدمة العلم يأتي لوداعه أقربائه ومن بالجوار، وإن حصلت ولادة تأتي النسوة للمباركة والتهنئة ومعهن الهدايا، وعند عوز شخص للدم يتم التبرع تلقائياً لإنقاذ حياته، وفي حال تعرض شخص ما لخسارة يقدم له عوناً يعوض بعضاً منها، والأسر الفقيرة كانت تتلقى المساعدة من سكان الحي على فترات وتقدم لهم المؤن لسد ضائقتهم، وإن دعي شخص لحضور فرح كان يقدم ما أمكنه من الهدايا ويشارك مسروراً، وفي المآتم كان الأقرباء والأصدقاء يقومون بواجب العزاء على نفقتهم لراحة أهل الفقيد، وإن استدان شخص من آخر تكون البينة هي الكلمة ويتم السداد في حينه.
كانت هذه المواقف المميزة سمة أهلنا أيام زمان، أما في حاضرنا هذا تلك القيم النبيلة غدت طي النسيان، فمن يصاب بضائقة ينأى عنه الأهل والأقرباء وغالباً يكون محل شماتتهم، والمسافر لا يودع إلا من أسرته، ومن يتعرض لخسارة مهما كانت مهلكة تأتيه الناس لتبيان السبب ولمعرفة الخسائر لا للمساعدة، وتكاد تنعدم زيارة المريض وزيارة المرأة بعد الولادة، وفي المآتم يقتصر الأمر على الحضور، والأسر الفقيرة تركت تنزع أشواكها بأيديها بعد أن طواها النسيان، والمدين لا يحصل على دينه رغم البينة إلا بعد معاناة وغالباً تقع خصومة بين الدائن والمدين، وهنا صدق المثل القائل (اتق شر من أحسنت إليه) فهل هذا واقع نعانيه أم إني غاليت؟

نديم طالب ديب

تصفح المزيد..
آخر الأخبار