الوحدة : 13-11-2024
الكولونيالية لم تبن أنساقها الثقافية على الذات، بقدر ما حاولت بناءها على الآخر.
هو ماجاء عليه الدكتور منذر شباني في محاضرة قدمها في رابطة المحاربين القدماء وجاءت بالتعاون مع الجمعية العلمية التاريخية في اللاذقية، حيث قدمت لها السيدة أحلام الرفاعي، وكانت أن رحبت السيدة ناهد شحيدة رئيسة فرع الجمعية بالسادة الحضور.
الدكتور منذر أشار بداية إلى مفهوم الكولونيالية وأوضح أن الحركة الكولونيالية المتجهة نحو الآخر كان لا بد لها أن تركز على كيفية صناعة الآخر، وهذا الآخر هو العربي الذي لا بد من ترسيخ الفصل الثنائي بينه وبين ذات المستعمر، وتأكيد الشعار الذي يقول: العربي الجيد هو العربي الميت.
ويظهر التاريخ بأنه الزمن القادم بقيادة المركز الكولونيالي العالمي أن ابن العالم الثالث كآخر قد اكتسب هويته في ظل هذه الهيمنة، وبحسب نظرية الفيلسوف الفرنسي لاكان، الذي يتحدث عن الآخر ضمن مصطلحين، الآخر الأصغر والآخر الأكبر، ويلاحظ لاكان أن خلق الهوية يعادل خلق السيادة، وهي قدرة لاكان على تحويل نظريته إلى واحدة من الأنساق الثقافية الكولونيالية.
وتنشغل دراسات ما بعد الكولونيالية في تفسير الكيفية التي يتم فيها تصنيع الآخر،
وتابع الدكتور بقوله: تتأسس هوية الآخر العربي انطلاقاً من عملية استحواذ شاملة عرفت في الأنساق الثقافية الكولونيالية، فهوية الآخر تتباين بين ما هو رمزي وما هو واقعي وفعلي، فإحساس الإنسان العربي بقدوم الزمن المظلم جعله يختار الهوية التي ستكون واقعية وفعلية. فالآخر العربي يخضع للتهجين، إنه يخضع لإضفاء الطبيعة الآخرية من خلال الممارسات الكولونيالية خصوصا آليات التأويل والاتصال، فلم تعد هويته هوية أنطولوجية، كذلك لم يعد قادراً على أن يشارك في إنتاج الوعي والعقل، بقدر ما عليه أن يستكين وأن يخضع ويستسلم. وفي الاحتفالات التي تقام في ذكرى ميلاد فكرة الآخر الأكبر نجد الشعارات الكولونيالية التي تنطوي على الكثير من الأساليب التأويلية لتفكيك وتفويض المفاهيم التي تختزلها في الثالوث الأكبر الذي يقول : الحرب هي السلام، الحرية هي العبودية، الجهل قوة.
وفي ختام حديثه أشار إلى الشعار الأكبر للكولونيالية وهو (الكل للواحد والواحد للكل) وهو المصطلح القريب من الاستحواذ، وفي ذكرى ميلاد الأخ الأكبر كان لا بد للكولونيالية أن تجدد ولاءها للجد الأول الذي علم الجميع ما لم يعلموا، إما أن نكون أو لا نكون لا خيار بهذا الشعار يكشف وجهه العنيف حيال الأشخاص الذين عليهم أن يتبنوا هذا الشعار، وهذا ما يقود لفكرة الضيافة في عمق كتابات التاريخ الكولونيالية، فالإنسان المضطهد يبقى بدون هوية في العالم ليكون بمنزلة منفي، وهو ما عملت على تأكيده منظمات حقوق الإنسان والأمم المتحدة، وخصوصاً منظمة ليدرافيك والتي تختصر الحروف الأولى لعنوان عنيف هو الدفاع عن حقوق الأجناس.
السيد اللواء رضا شريقي بعد تحيته للسادة الحضور أشار إلى أهمية المحاضرة وعمقها في نشر الوعي لمواجهة أعداء الأمة، ونوه لضرورة المنتديات في نشر الوعي.
وفي الختام قدّم السادة الحضور من رجال فكر وأدب ومهتمين مجموعة من المداخلات والتساؤلات التي أغنت محاور المحاضرة.
هدى سلوم