قدرنا من الكوارث حرائق ومن غضب الطبيعة زلازل.. فهل نحن أبرياء؟

الوحدة: ٢-١١-٢٠٢٤
هل قُدّر لهذه البلاد أن تكون الأضحية الأبدية والنذر المقتول بأمر شرعي لأنواع عديدة من غضب الطبيعة؟ الكثير من الابتلاء يدقّ مضاجع أُناس تحمّلوا ولا زالوا يتحمّلون تبِعات عقدٍ ونصف تقريباً من إرهابٍ أسودٍ متنقّل، رافقها فواجع دخلت الكثير من المنازل فكانت ضيفاً ثقيلاً خانقاً، لتعود ترجمة المآسي العنيفة عبر زلزال انتزع الرّاحة المؤقتة من القلوب، لتبدأ مسيرة أخرى من تبعاته المأساوية، تمثلت بسحب أجساد وضحايا من بين الرُكام، ونوم في الشوارع والطُرق ضمن جو شتوي قتل مشاعر الاطمئنان داخل كيان الصغير والكبير، فامتزج القهر في بوتقة العديد من الأعاصير والعواصف التي أتت على الأرزاق والمُمتلكات، وجميعهم تقبّلتهم القلوب المنكسرة والمشاعر بقضاء الله وقدره المكتوب.
على التوالي، كل صيف يودّع طبيعتنا جملة متنقّلة من موجات الحرائق، أصبحت بحاجة للكثير من التكهّنات والاستنتاجات لتكون بريئة، تقضي على مساحات واسعة من الغابات الحراجية، بالإضافة لدُونمات واسعة من الأشجار المُثمرة، هي بالأساس المُنقذ الأخير للكثير من العوائل التي تتّكل على مردودها المضمون، فيعود مسلسل الخروج من المنازل والتشرّد القسري، لنتبنى ضمنياً أننا نتدرّب على حياة البداوة والحياة المتنقّلة.
هل سيكون قدرنا أن نصبح ضمن بيئة صحراوية، نتعلّم كيفية إسعاف أنفسنا إلى البراري الآمنة بأقلّ الّلوازم والمقتنيات، ونستكين كغيرنا من الشعوب لمساعدات تُقدّم لنا كمنكوبين، فتصرخ الأقدار برحمة عزيز ذُل؟.
اليوم انتقلت ألسنة الحرائق إلى مناطق أخرى، فاكتسحت الكثير من أحراج وغابات الريف الشمالي وجبلة والقرداحة والحفّة، فنالت من بساط أخضر يانع بكر، وكأنّ القدر يلاعب رجال الإطفاء على تعدادهم، يُخمدون هنا ويبرّدون هناك، فتسحبهم الاستغاثات وتتلاعب بهم إلى مناطق أخرى معاكسة، يفعلون ما يفوق قدرتهم واستطاعتهم، لنعود إلى قصّة البراءة من تلك الأحداث، عندما تأخذنا الأنظار إلى الجزء المقابل المُغتصب، غابات ذلك الشريط الحدودي تشبه الرسوم، آمنة – بعيدة كل البُعد عن مسلسلاتنا الكارثية، فتتكاثر الأفكار السّود ومنطقها الّلدود حول المكان والتوقيت فنرضخ لفواجعنا بالرضى والقبول.
ويكاد العقل والقلب ينطق بسوء التقدير وضرر المصير، لنتوقّف عند حدود أخرى من نوبات التفكير وانعدام الضمير.
سليمان حسين

تصفح المزيد..
آخر الأخبار