هذه الكتب

العدد: 9383

الثلاثاء9-7-2019

 

قالت زوجتي في لحظة ما، وهي تنظر إلى: أما آنَ لك أن تترك هذه الكتب وتطلق لنفسك مزيداً من فسحة الوقت والاستراحة؟ كل مرة تقول: سيأتي الوقت المناسب، متى سيكون ذلك الوقت المناسب عندك؟ أنا والأولاد والزيارات والتنزّه… وقطار أيامك خلف ظهرك… وأمامك على مكتبك وخلف رأسك على سريرك وفوق الطاولة، ما إن ينقص عدد الكتب حتى أراه يزداد من جديد…
قلت: حسناً هذه الكتب تحمل في صفحاتها بما وضع وكتب فيها كل ما نريده ونحتاج إليه من علم ومعرفة أو حاجة نطلبها أو نسعى إليها، تعكس لنا مشاهد ومواقف وأحداث، نختار منها ما يقع في دائرة اهتمامنا.
بعيداً عن الكتب وأجوائها، يؤدي الأمر بنا إلى وضع عقيم في مجال البحث العلمي ، ضحل الفكر، لا نرى من الحياة سوى الشكل الخارجي لها، الوجه الاستهلاكي والعلاقات الاجتماعية الخلبية المزيفة، لكن الكتب تنقل إلينا بعض ما خفي من جوانب وتفصيلات الحياة وأسرارها في أماكن وخلال أزمنة أخرى … تطوف وتجول بنا في عوالم الناس النفسية، وجغرافيتهم، في افراحهم وأتراحهم ، أرقهم وترفهم…
لكن للأسف ما نلمسه الآن بل ما نعيشه مع غالبية جيل الشباب اليوم، بعده عن الإحساس بوجود الآخرين، كل ذلك ليس بسبب تطور وسائل التقدم العلمي والتكنولوجي وإنما بفعل إساءة استخدام الوسائل في الزمان والمكان والوضع غير المناسب.
إن متع الحياة ولذاتها تبقى سطحية ، جافة ، مالم يصنعها العقل ويقبل بها..
لولا هذه الكتب لكان للأرق والقلق سبيلٌ إلى حرمان متعة الفرح بقطاف ثمار المعرفة الطيبة، ونعمة التجدد والكشف والتجلي..
في رياض هذه الكتب وجنانها نعيم الفكر ومراح للعين والنظر وأنس للقلب .. من هذه الكتب ينساب طيب الكلم ويفيض زبد الفكر ويترقرق من معانيها عذب الندى..
معها يصير الوقت نضراً حياً ويحلو السمر.

بسام نوفل هيفا

تصفح المزيد..
آخر الأخبار