لمــاذا تكثر النميمة والدسـائس بين زمـــلاء الوظيفة

العدد: 9382

8-7-2019

يزدحم زماننا كما وظائفنا وأمكنة أعمالنا بأناس عابثين، ضارين ولا عمل لهم غير أن يحشروا أنوفهم بشؤون الآخرين ليعتليهم الحسد والغيرة والضغينة ونسمع لغواً منهم وافتراء على الرفاق والزملاء، حيث المواربة بالقول والمراوغة بالفعل ليكون فيه الضعف والخلاف والبلاء ليفتك بحالنا أكثر مما قد يفتك بنا الأعداء، وبتنا نقبل به وقد نستطيبه ليكون قدرنا ولا مناص من القبول بما هو قائم ومقدور ويزداد سعير فتنها تحت رماد السؤال لما لا يكون لنا اتفاق على شيء واحد هو بلدنا ومؤسستنا للحفاظ على كرامتنا ودفع إنتاجيتنا ورفعها.
كثيرة هي الهموم والمواجع والأثمان التي ندفعها، من هذه المحن والتي عمّ خطبها في كل مؤسسة وشركة ودائرة ولا أبالغ، طنينها يطرق مسامعنا وزبدها يطفو على يومياتنا حتى شغلتنا وأبعدتنا عن العمل والشغل.
تؤكد منى، مهندسة أن زملاء العمل هم حجر الأساس فيه، لكن بينهم مريضي نفوس يدعون التنافسية والشطارة عندما تأكلهم الغيرة والضغينة فتخرج من أفواههم النميمة والسخرية والطعن بالظهر، وجميعها موجودة حقيقة بين معظم موظفي المؤسسات والشركات، وليس في المدرسة فقط، ليس لديهم عمل أو لا يرغبونه أو يحبون التقاعس والكسل، يجلسون وراء مكاتبهم وهم يتلصصون ويتصيدون غيرهم بلسانهم والثرثرة عليهم خشية ترفعهم ونجاحهم.
الشابة آية، طالبة جامعية طموحة ومجتهدة وتعمل في أحد المكاتب الهندسية بالصيف لأجل التمرين واكتساب الخبرة وليس لكسب رزق وعيش فهي تنال مصروفها من والدتها أشارت إلى أنها ليست المرة الأولى التي تقع فيها بمصيدة زميلاتها، خاصة أن الشغل خاص وفيه الجميع ينتظر خطأ غيره (ليكمش) عليه ويبدأ العد التنازلي لأيام له في العمل، الجميع يريد أن يكون هو المقرب من السيد المدير ويستطيع أن يتكل عليه ويكون قائماً بالأعمال في المكتب، حينها يمكنه أن يتلاعب بالحقائق ويستغل نقاط ضعف أي زميل متقدم عليه بالعمل بطرح الأفكار الجديدة للمشاريع، وليتمكن من الخداع وهو يفتقد للنزاهة خاصة إذا كان محل ثقة عند المدير يشدد على نظرته بأسلوب مقنع ومستمر، عندها يخسر ذاك المجد وصاحب الضمير الثقة والمبادرة ويبقى على الهامش كأي عامل وهو ما يدفعه لترك العمل والبحث عنه من جديد في مكان آخر.
الأستاذ أحمد، تنمية بشرية أشار إلى أن العلاقة الصحيحة والطيبة بين زملاء العمل تحفز على النشاط وإنجاز المهام وتولد الشعور بالانتماء للمكان، فهم أحب ما يمكن أن يجدوه في عملهم (زملاء بل رفاق) لكن في أكثر الأحيان توجد مسببات تستدعي منك غربلتهم ومنها المنافسة التي يلجؤون إليها بوسائل غير أخلاقية للتقرب من المدير والإساءة لك فليس جميعهم شرفاء بمنافستهم، الغيرة من شخصك وشخصيتك ونجاحاتك في العمل والمهام التي توكل لك وغيرها، عدم الثقة بالنفس لعدم قدرتهم على تحيز القيمة لعملهم، الانتقام لخطأ اقترفته فيهم دون قصد، الخوف من نجاحك وتفوقك عليهم وهم لا يسعون لغير راتب كل شهر، الأداء السيئ ليعاملوك دون احترام .
ولا يخلو مكان العمل من الخلاف والحساسية بضغوط منوعة تتسبب بنزاعات بين الموظفين، يؤثر على إنتاجية الموظفين وإبداعهم، ولتلافيها يجدر الإسراع بحلها بدبلوماسية وليس على الفرد الخوض في جميع المعارك فقد يكون سريع الغضب أو حساسيته مفرطة ولا يقبل المزاح، التعامل مع الخلاف بانفتاح وهو ما يتطلب إيجاد أرضية مشتركة وهي مصلحة الجميع تصب في نجاح العمل، التواصل بين الطرفين ويحتاج لمستوى عال من النضج والثقة وكسر الجدار الذي رفع بينهما وليس لأحد إهانة الآخر، الإنصات الفعال قبل الاستنتاج والانتباه للمشاعر واللغة، تفهم التنوع الذي يتشكل من عدة بيئات وثقافات مختلفة، ويمكن طلب المساعدة من آخرين لفض الخلاف، أما أن يخرج الجميع فيجب أن يتم التأكد من حل الخلاف وخروجهم بشعور إيجابي.
غالباً لا علم لنا بحياة الموظفين جميعهم وما يواجهون من مشاكل وصعوبات يعكر مزاجهم وقد قدموا إلى أعمالهم ويميلون للتنفيس عن كربهم في الإساءة للآخرين، وغيرهم يمكن أن يترك مشاكله خارجاً قبل دخوله مكان العمل، لكن من أهم أسباب أذيته هي: الغيرة، الانتقام، عدم الثقة بالنفس الخوف من نجاحك، أداؤه السيئ.
ومن طباعهم، فهم يعتبرون أنفسهم ضحايا دائماً، ويستغلون نقاط ضعفك حتى يتمكنوا من خداعك، يتلاعبون بالحقائق وغير واضحين وقد يملكون قدرات عالية وأصحاب إنجاز لكنهم يفتقرون للنزاهة، ومن قدراتهم الأفضل دفع الأفراد ليشعروا بالذنب.
لكن هل يمكن معالجة هذه الأمور قبل استفحالها؟
بداية قد تنفع معهم بعض النصائح التي تقول: اشكرهم ولو كان صعباً عليك الأمر وكان قد أساؤوا إليك، واضحك في وجههم، عاملهم بلطف ولا تسمح لهم بالتأثير عليك والتزم عملك.
ولا تشغل بالك بالتفكير بهم، واجههم ولا تدع لهم الساحة وأنه جدلهم قبل أن يستدرجوك لمستوى غير لائق في الحديث، ويمكن أن تطلب مساعدة آخرين إذا تفاقمت الأمور وأصبحت الإساءة معلنة أمام الجميع، لكن البعض يضطر آسفاً لترك الساحة لهم يبتعد ويترك العمل وهذا ليس بتصرف سليم .

هدى سلوم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار