في معادلــــة دعم الإنتــــاج وحمايــــة المستهلك.. الكــــل خســــران

العدد: 9381

الأحد: 7-7-2019

 

 منتجـــــون:فتح باب لتصدير الفائض

مستهلكـــون: رفع الرواتب لتتناسب مع الأسعار

التجارة الداخليــة: الحدّ من دور الوسيط

مديرية الزراعــة: أين الجهات التسويقية؟

التجارة ربحٌ وخسارة، وفي لعبة السوق المتحكم بقواعد اللعبة هو العرض والطلب، يزداد الإنتاج فتنخفض الأسعار، يقل الإنتاج فيزداد الطلب ويزداد السعر، وهنا عامل الحظ مع المنتج يلعب دوراً، فنجد الكثير من المنتجين في بعض المواسم من دون أي دعم ربحوا ملايين من الليرات من بيوتهم البلاستيكية والزراعات الموسمية وفي مواسم أخرى يتعرضون للخسارة، وطبعاً في حالة الربح يأكلها المستهلك بالأسعار الكاوية وفي الخسارة يضحك سن المواطن الذي أرهقته الظروف والرواتب التي لا تتناسب مع ارتفاع الأسعار.
وهنا نطرح تساؤلاً: كيف يمكن دعم الإنتاج وفي نفس الوقت حماية المستهلك، معادلة تحتاج إلى قواعد وخطوط عريضة لتحقيقها لأنها غير موجودة على أرض الواقع في ظل غياب دور لغرف الزراعة والصناعة والتجارة إضافة إلى غياب بوادر حقيقية لإنشاء مصانع تستقبل الفائض من الإنتاج (بندورة- حمضيات) كي لا يتحمل المزارع الخسارة وحده، أو تصدير الفائض من أي منتج لباقي المحافظات.
ولا بد من رفع دخل المواطن ليتناسب مع ارتفاع أسعار السوق، كلها بنود لا نرى من يطرقها من أصحاب الجهات المعنية فكل جهة تعمل بانفراد من دون التكاتف فيما بينها لإرضاء طرفي المعادلة.
وحول هموم ودعم المنتج والمستهلك التقت جريدة الوحدة العديد من أطراف المعادلة في مناطق مختلفة في سهل جبلة ومنطقة بانياس.
المواطن والمزارع في كفتي ميزان

في بانياس يشكو المزارعون اليوم من انخفاض سعر الخضار قياساً بالتكاليف المرتفعة للزراعة، بداية يقول علي أبو يوسف: لا يوجد حل لدعم المنتج الزراعي في الساحل، فعلى سبيل المثال اليوم تم بيع الباذنجان الأسود بـ30 ليرة فقط (ومع ضربة منية لياخدو الكمية) أي اليوم تقدر خسارتي بـ15000 ليرة سورية موزعة بين ثمن الفلين وأجور السيارة والعمال وبالتأكيد السبب الرئيسي لذلك هو عدم وجود تسويق لباقي المحافظات مما يؤدي لكساد في الإنتاج وبالطبع السوق المحلي غير قادر على استيعاب المنتج ويلعب تجار الجملة دوراً في ذلك أيضاً ويتابع: برأيي الحل الوحيد هو فتح باب التصدير وإلا الخسائر ستكون كبيرة والخاسر الوحيد هو المزارع فإن نجا من الكوارث الطبيعية سيكون السعر له في المرصاد وفي هذا العام كانت الخسائر كبيرة بسبب الأحوال الجوية حيث تحطمت الصالات بالإضافة لغرفة الزراعة ولم يتم تعويضنا بأي شيء.
رفع الرواتب هو الحل
وقال المزارع أسامة حيدر: الأسعار غير جيدة تكلفة الزراعة عالية والأسعار متدنية، اليوم كلفة كيلو البندورة 175 ليرة وتباع بـ100 ليرة أو 125 ليرة أي المزارع خاسر بامتياز لأنه يجب أن تباع بمبلغ لا يقل عن 200 ليرة سورية حتى يحقق التكلفة مع هامش ربح.
ويرى الحل حيدر في زيادة الرواتب فما ذنب المزارع إن كانت الرواتب ضعيفة أو بفتح باب التصدير أمام المواسم الكبيرة فمثلاً إنتاج قرية حريصون من البندورة كبير وفتح باب التصدير سيكون حلاً مثالياً لكل من المواطن والمزارع.
فتح باب التصدير هو الحل
يرى حسين حمود أن فتح باب التصدير هو الحل الصحيح لمشكلة الأسعار ويمكن تحقيق التوازن بين ربح المزارع وقدرة المواطن على الشراء بتحديد أسعار عادلة تضمن ربح المزارع وقدرة المواطن على الشراء، فتكاليف الزراعة باهظة ابتداء من البذور وصولاً للأدوية ناهيك عن تحمل المزارع لأعباء فصل الشتاء والكوارث الطبيعية والكثير من المزارعين يفضلون بقاء البندورة على حالها على أن يزيد خسارته بثمن الفلين وأجور النقل والعمال، ومن وجهة نظري يتابع حمود أن وجود معمل للكونسروة في منطقة بانياس حل رائع لكثرة إنتاج البندورة وكذلك البرتقال فوجود معمل للعصائر هو طوق النجاة.
الوسيط هو سبب الغلاء
تقول منال حيدر التي تقوم بإنتاج الفطر والعصائر وماء الورد: إن التاجر عندما يشتري كميات كبيرة فهو يضع في حساباته أنه يجمد هذه الأموال لفترة وبالتالي يجب أن تكون نسب الأرباح أكبر فمثلاً أنا أبيع ماء الورد لمحال التجميل بـ500 ليرة بينما يبيعها التاجر بـ1000 ليرة والنتيجة الوسيط هو سبب الغلاء.
تفادياً لمزيد من الخسارة
يتفادى بعض المزارعين خسارتهم برمي محصولهم وجهدهم لكي يحافظوا على صناديق الفلين أو البلاستيك فالمزارع هاني العلوني رمى محصوله من الباذنجان بسبب انخفاض سعره الذي سبب له الخسارة الكبيرة.
ماذا يقول الطرف الآخر من المعادلة (المستهلك)
أبو حسان: لو لم يوجد هذا الرخص في أسعار الخضار من أين لي أن أشتري البندورة أو الخيار وأنا أعيش وعائلتي من راتبي التقاعدي فقط، ربما هذه منحة من الله ليتمكن الفقير من شراء الخضار خاصة وأن سعرها في الأوقات الماضية كان مرتفعاً جداً ولا يسعنا القول إلا كان الله في عون المزارع والفقير.

السيد فؤاد (موظف): لا يمكننا القول إن المزارع خاسر فالزراعة مواسم ويمكنه تعويض خسارته من خلال مواسم الغلاء ففي فترة من الفترات وصل سعر كيلو البندورة إلى 500 ليرة وكذلك الخيار وحتى البطاطا لذلك يمكننا القول الزراعة ربح وخسارة.
السيد رأفت يقول: قد يكون تحقيق معادلة متوازنة بين دخل المواطن وربح المزارع من المعادلات المستحيلة الحل ففي أغلب الأحيان هناك طرف خاسر فإما الأسعار مرتفعة والمواطن غير قادر على الشراء أو الأسعار منخفضة والمزارع خاسر، ولكن لمَ لا يوجد حل وسط يضمن قدرة المواطن على الشراء وفي الوقت ذاته يضمن ربح المزارع، لمَ لا تشكل لجنة لتسعير الخضار، من المسؤول عن هذه الفوضى؟
لا يوجد دعم حقيقي
بعض المزارعين الذين التقيناهم في سهل جبلة (بسيسين) قالوا: لا يوجد دعم حقيقي للإنتاج، فالمبيدات أسعارها كاوية والبذار نار ولا توجد أي جهة تقدم لنا يد العون في زراعتنا الربح لنا والخسارة علينا.
المزارع أحمد يقول: لحراثة الأرض نحتاج إلى راتبين فأصبحت الحراثة على الساعة وهنا لا دعم، أسعار البذار لا يوجد فيه دعم وعند الخسارة لا دعم.
المزارع يحيى: حالياً موسمنا من الباذنجان والخيار والبندورة خسارة بخسارة قد يكون هذا في صالح المواطن ولكن على حسابنا فلا يوجد أي جهة تهتم بتحقيق التوازن بيننا كي لا يخرج أحدنا خاسر.
المزارع جمال يقول: مهمة اتحاد الفلاحين رفع الكتب الرسمية فقط وكل الجهات تدعمنا بالقول عند وقوع الكوارث وعند الفعل الجميع نائم في سبات، اليوم نحن خاسرون ماذا نفعل؟
رأي حماية المستهلك
في معادلة دعم الإنتاج وحماية المستهلك وآلية تحقيقها قال المهندس إياد جديد مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في اللاذقية: بوفرة الإنتاج والحد من دور الوسيط تتحقق المعادلة، فإن وفرة الإنتاج دليل عافية للبلد ولا بد من تحقيق توازن بين العرض والطلب ولا توجد مشكلة في وجود سعر مختلف من منطقة إلى أخرى لطالما هي دون النشرة التموينية الرئيسية فهذا يدل على التنافس مما يخفض الأسعار والمزارع (المنتج) عندما يبيع فهو يبيع بكميات ضخمة بالطن فهناك ربح.
وأكد جديد على أن الوسيط هو الذي يظلم كلا الطرفين وهو المستفيد الأكبر على حساب كل الأطراف ولضبط الأسعار وفق النشرة التموينية لا بد من تعزيز ثقافة الشكوى لدى المواطن فلماذا الطمع بهامش ربح قد يصل إلى 200 ليرة أحياناً بدلاً من 50 ليرة كيف يقبل المواطن هذا التفاوت بدون الشكوى؟ فالمديرية تعمل حالياً على إنشاء مقسم على مدار 24 ساعة لاستقبال الشكاوى ومعالجتها وبالتالي ثقافة الشكوى هي دليل عمل للمديرية وتمنع تلاعب أي من الأطراف (مراقبي التموين أو أصحاب المحلات) وتوجد حالياً دوريات متخصصة للألبان والأجبان ودوريات للخضار والفواكه ضمن الأسواق وهكذا.
دور مديرية الزراعة في دعم الإنتاج
قال المهندس منذر خير بك: إن دور مديرية الزراعة يقتصر على الدعم الفني الإرشادي عن (معدلات الحراثة، والتقليم وكيفية الجني) وتقديم كل أنواع الغراس المثمرة والحراجية (حمضيات- جوز- لوز) وبسعر أقل من التكلفة، والدعم في حملات المكافحة المجانية (لعين الطاووس 16 ألف دونم) وذبابة الفاكهة 95180 دونماً إضافة لمكافحة فأر الحقل، إضافة لطرح مفترسات ومتطفلات وتوزيع طن من البودرة الخاصة بالفطور مجاناً ولو تُرجمت هذه الخدمات إلى قيمة مادية لتجاوزت المليار.
وتقوم مديرية الزراعة وهنا الحديث للمهندس خير بك باستصلاح الأراضي الزراعية وهو مشروع مجاني ويوجد مشروع بقيمة المحروقات فقط، حيث تم استصلاح 108 آلاف هكتار وتبقى 4 آلاف هكتار دون استصلاح.
وحول تحقيق معادلة دعم الإنتاج وحماية المستهلك قال خير بك: يجب إنصاف الفلاح الذي التزم بكل مخططات الزراعة وحقق الاكتفاء الذاتي وأصبح هناك فائض في الإنتاج مما انعكس سلباً على انخفاض أسعارها فلا بد من تفعيل وإيجاد دور للجهات التسويقية ودعم تصدير الفائض ودعم التصنيع الزراعي من معامل ومصانع خاصة بمنتجات الساحل، وهنا دور اتحادات الغرف، ودورنا كمديرية قدمنا للمزارع منتج كامل منافس وبمواصفات عالمية (أشجار مثمرة وحراجية).
السورية للتجارة من المعادلة
قال المهندس سامي هليل مدير السورية للتجارة في اللاذقية: إن دور المؤسسة يكون في المواسم الاستراتيجية كالبطاطا والحمضيات والتفاح حيث نقوم بنقل المحصول إلى سوق الهال أو المحافظات الأخرى بعد الشراء لتخفيف العبء عن المزارع وطرح المنتج بالسوق بسعر ينافس السوق بحيث يبقى الطرفان متعادلين.
وفي الختام
نجد في ختام موضوعنا أن جميع الجهات بريئة من هذه المعادلة ولا توجد جهة معينة بمزارع وجد في الأرض قوت عيشه في ظل هذه الظروف وبحث عن زراعة يعتاش منها (بندورة- خيار- باذنجان..) فمن هي الجهة المسؤولة عن دعم هذا المزارع؟! إذا افترضنا أن دعم المستهلك يتم بزيادة الرواتب فقط لا غير والحد من دور الوسيط الجشع وتفعيل دور السورية للتجارة بشكل أكبر ولكل المحاصيل.

تغريد زيود- رنا ياسين غانم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار