الأديب زهير جبور: أرجــــــو ألا يداهـــمني الزهــــايمر كي أتمكن من الاســــتمرارية

العدد: 9373

25-6-2019

 

قامة ثقافية مبدعة تستحق كل التقدير والإعجاب، شخصية استثنائية، استطاع عبر مسيرته الأدبية الطويلة أن يتبوأ مكانة هامة ومرموقة في عالم الأدب والصحافة والثقافة بشكل عام.

تسلّم مناصب عدة وفي كل مرة يثبت جدارته ويترك بصمات واضحة تسجل في تاريخ المحافظة، كان له الفضل في تأسيس اتحاد الكتاب العرب واتحاد الصحفيين حيث ترأس إدارتها خلال مسيرته، إنه الأديب القاص والصحفي المتميز زهير جبور.
استطاع الأديب جبور خلال تسلمه منصب رئيس اتحاد الكتاب العرب باللاذقية أن يحقق نجاحاً لافتاً حيث شهد الاتحاد في زمنه ازدهاراً ملحوظاً فلقد أعطاه من وقته وجهده الكثير وأغناه من ثقافته وبعد نظره وانفتاحه الكثير، لم يبخل يوماً بمجهوده الفكري بل أعطاه كل ما يملك من علم وثقافة وأفكار نهضت به إلى مستوى لافت نتاجه الأدبي أغنى الحركة العمر الثقافية، كان حريصاً كل الحرص على متابعة كل صغيرة وكبيرة وكل ما هو جدير يغني الحركة الثقافية، لم يكن هدفه شخصياً ذاتياً أبداً لم يركض يوماً وراء الحضور أو المفاخرة لم تكن النجومية هدفاً له يوماً ما إنما كان ولعه الحقيقي بالكتابة فقط لكونها شهادة حقيقية على الواقع الذي كثيراً ما كان يتجلى في معظم مؤلفاته.
إنه مبدع يرغمك على محبته وعلى الإعجاب بشخصه بلا تردد أو مراوغة احتل المركز الأول بين كتاب الرواية وبجدارة.
نتوقف معه ليحدثنا عن مشواره الطويل والفني، معه نستعرض أهم محطات حياته المليئة بخلاصات حياتية هامة لعلنا نستفيد من تجربته لأنها تستحق أن تكون مثالاً حياً يحتذى به لكل من أراد النجاح والوصول إلى هدفه بداية حبَّذا لو حدثتنا عن رأيك حول الحراك الثقافي في المحافظة منذ البداية وحتى يومنا هذا؟
كان لاتحاد شبيبة الثورة الفضل في احتضان المواهب الأدبية منذ عام 1970 وفي الواقع أفرز اتحاد شبيبة الثورة مجموعة من الشعراء والقاصين الذين انتسب بعضهم لاحقاً إلى اتحاد الكتاب العرب ونذكر منهم: المرحوم مروان صقر- وعضو المكتب التنفيذي حالياً الأديب بديع صقور- المرحوم يوسف علاء الدين وزهير جبور ومجموعة أخرى.
عندما تم افتتاح فرع اتحاد الكتاب عام 1978 تمكن الذين دعتهم الشبيبة وأصدرت لهم أعمالاً أدبية، من أن ينتسبوا إلى الاتحاد، وحقيقة الأمر، تجربة الاتحاد أخرجت العمل الإبداعي من نمطية الأعمال، لأن عمل الوزارة وظيفة، بينما عمل الاتحاد يختلف عن ذلك تماماً ونشط الاتحاد في إقامة معارض الكتاب واحتضان مواهب الشباب وتصعيد شركة النشر، ويمكنني القول: إنه في ذاك الوقت غطى معظم أنحاء المحافظة، وقام بتنظيم النشاط الثقافي وعلى سبيل المثال تبنى فرع اتحاد الكتاب النشاط الثقافي الذي كان يقام في مهرجان المحبة استضاف شخصيات عربية كبيرة منها على سبيل المثال: أنطون مقدسي- علي عقله عرسان- حسين مروة- طلال حيدر وأسماء كثيرة لا نستطيع حصرها الآن.
من خلال تنظيم الحراك الأدبي ظهرت بوادر جديدة في الثقافة وكان من المفروض أن تستمر وتدعم ولكن من سوء الحظ وقعت الأحداث في سورية، مما جعل ثمة تراجع في هذا المجال.
إذاً نستطيع القول إنّ دور منظمة الشبيبة كان هاماً جداً ودعم هذا الدور اتحاد الكتاب مع العمل الثقافي حيث شهدت المحافظة أيضاً مجموعة من المراكز الثقافية في الريف.
برأيك أين يكمن دور الأدباء والمثقفين في هذه المرحلة الراهنة؟
في الحقيقة، لابد أن نذكر هنا أن الأدب قد وقف إلى جانب الحق السوري في محاربة الإرهاب والتطرف، وكان بشكل أو بآخر داعماً لصمود الشعب، وأدى دوراً ملحوظاً في ذلك.
المثقف الحقيقي وقف مع بلاده وشعبه، والمثقف المزيف سقط وانحرف وأغرته الدولارات.
إجمالاً، الأحداث عرّت المثقفين، حتى هؤلاء الذين كانوا رماديين في الموقف، لأنهم لم يمارسوا دورهم الثقافي الجماهيري، هؤلاء آثروا مراعاة مصالحهم الشخصية والمادية وصمتوا، ولكن ما حدث أن التقويم الأدبي أو الفكري لهذه الحالة لم يتم حتى الآن.
فإذا أخذنا مثلاً الرواية على سبيل المثال، نجد أن ما صدر لم يكن في صلب الأحداث، بل استمّد الموضوع من المادة الإخبارية أو الاقتباس منها لا يحقق عملاً إبداعياً متكاملاً ففي الحرب العالمية هناك من كتب الرواية الخالدة عن هذه الحرب وهم من الذين كانوا يعملون كمراسلين حربيين في قلب المعركة.
نحن لم ننتبه إلى هذا الجانب، فكان من المفترض أن يرافق المعارك من يستطيعون أن يوثقوا هذه المعارك أدبياً وكذلك بالنسبة للشعر وأتمنى أن يعاد النظر في موضوع الكم الهائل من القصائد والأغاني ربما.
لو استعرضنا شريط حياتك ماذا تحدثنا وتخبرنا عنه؟
بالحقيقة في عام 1977 انتسبت إلى اتحاد الكتاب العرب، وكنت من مؤسسي فرع اللاذقية، أنا ومعي الأستاذ زكريا الشريقي الذي كان يشغل آنذاك منصب رئيس فرع الحزب العربي بالمحافظة، والمرحوم مروان صقر الذي كان يشغل منصب رئيس مكتب الإعداد الثقافي والإعلام، والمرحوم القاص عبد القادر ربيعة.
وفي اجتماعنا الأول حددنا المهام التي علينا أن ننطلق من خلالها في المحافظة ككل.
وفي الواقع، قدمنا عملاً مخلصاً، وجهوداً جبارة وكنا نفتقر حينذاك لكل شيء، لكننا استطعنا أن نغطي المدينة وأريافها وكانت ندواتنا ومعارضنا ومحاضراتنا تصل من الدالية حتى كسب وطرطوس أيضاً لأن الفرع حينذاك كان واحداً وبصفتي أميناً للسر، والمفرغ الوحيد في الفرع فقد وضعت جهودي من خلال حبي للثقافة والعمل الفكري والأدبي ،ومن ثم انتقلت في الأنشطة كنت ممن ساهموا في ايجاد اتحاد الصحفيين وتسلمت الفرع خلال فترة ومن ثم إلى المركز الإذاعي والتلفزيوني في دورة ألعاب البحر المتوسط وكنت أول معد للبرامج في الساحل السوري وهذا النشاط الإعلامي والثقافي ترافق مع العمل الأدبي.. كنت أعمل على أن أبقي حالة التوازن ما بين الحالة الإبداعية والحالة الإعلامية ثم تفرغت أخيراً لرئاسة فرع اتحاد الكتاب العرب وأسست مهرجانات الأدباء الشباب ومهرجان نيسان الأدبي الندوة الفكرية السنوية ومهرجان أوغاريت في جامعة تشرين مهرجان جبلة السنوي إلى جانب مهرجان المحبة الذي كنت أترأس به اللجنة الثقافية.
تجربتك الإذاعية والتلفزيونية غنية جداً حدثنا عنها؟
– عملت في التلفزيون مع دورة ألعاب البحر المتوسط وكنت معدّاً للبرامج ولي في الأرشيف برنامج رسالة البحر، وبرنامج بحر وجبل وشوية حكي إلى جانب مجموعة كبيرة من الأفلام الوثائقية والسياحية والأدبية، ومن خلال عملي هذا انفتحت أكثر على الناس وكنت حريصاً أن تصل كاميرا البرامج إلى أبعد قرية في ريف طرطوس واللاذقية.
ويمكنني أن أقول: إنني قد تمكنت من تغطية كامل هذا الريف من تلكلخ إلى كسب بما فيه من آثار ومواقع سياحية واصطيافية وحالات اجتماعية وإبداعية ومواهب وجميع ما يتعلق بالعمل التلفزيوني ؟
ما هي آخر إصداراتك الأدبية؟
في الثالث من شهر تموز القادم، دعا اتحاد الكتاب العرب بالتعاون مع دار عين الزهور للنشر لحضور حفل توقيع لروايتي الجديدة بعنوان (ساعتان ساحتان) وهي آخر أعمالي كما صدرت لي عام 2018 مجموعة قصصية عن الهيئة العامة للكتاب في وزارة الثقافة بعنوان (خيبات) وسوف أسعى إلى الكتابة القصصية والروائية قدر ما أستطيع، وأرجو ألا يداهمني الزهايمر كي أتمكن من الاستمرارية، فأنا ممن يرغبون بالموت والقلم بيدي هكذا عشت منذ بداية طفولتي حيث الموهبة المبكرة وحتى الآن.
لم أقم بأي عمل آخر سوى الصحافة والكتابة في مجمل حياتي ولست نادماً على أي شيء قمت به لأن ضميري في كامل الارتياح تجاه ما قدمت من واجبي لوطني وواجبي كمسؤول وواجبي كإنسان وأنا أعتز بذلك.
– في ختام حديثنا، ماهي اقتراحاتك ونصائحك لكتاب الرواية؟
أما فيما يتعلق بما أقدمه من نصائح للأدباء والشباب فإنني أستميحهم العذر أن أول شروط الكتابة هي الثقافة والمطالعة ولا يمكن أن نقدم نصاً ابداعياً سواء في القصة القصيرة أو الرواية إلا إذا امتلكنا مخزوناً ثقافياً وحياتياً واسعاً وبقدر التصاقنا بالجماهير التي تمدنا بالتجربة الحياتية بقدر ما تكون شروط توفر الإبداع متوفرة.
الحياة أولاً ثم الثقافة ثانياً والالتصاق بالجماهير ثالثاً، هذه هي شروط العمل الإبداعي الذي ينبغي ألا يشذ عن اللغة والفنية والابتكار ولا مانع في أن نفيد ونمزق ونفكر ونخطط ونعمل على العمل الأدبي بكل تروٍ وصبر دون الاهتمام بالنشر السريع أو بالبحث عن الشهرة فلا شهرة تحقق أدباً ولا أضواء يمكن أن تصنع فكراً.

ريم ديب

تصفح المزيد..
آخر الأخبار