العدد: 9373
25-6-2019
مفرداته التشكيلية تعانق حروف الأبجدية الأزلية وأساطير أوغاريت، تحضر بعناصرها ومكوناتها الأساسية، الغابة والبحر، الإنسان والحيوان، أدوات الصّيد والصيادون تتوالف في لوحاته بلغةٍ بصريةٍ تنساب ألوانها عميقاً لتدخل عوالم الخيال والأسطورة.
بصماته التشكيلية وخطوطه العريضة الواضحة في عالم الفنّ التشكيلي يجعلانه مدرسة متميّزة متفرّدة، بمجرد وقعت عيناك على نتاجاته تدرك انتماءها إليه دون سواه.
الفنان التشكيليّ (سموقان) يُهدي (لسوريانا) إلى أبناء الشمس السوريين، في معرضه المقام حالياً في غاليري الحكمية، الذي يضمّ نحو ثلاثٍ وأربعين لوحةً.
* الوحدة التقته وكان الحوار الآتي: لماذا لسوريانا؟
** (لسوريانا) أردته تحية إلى سورية، وهو المعرض الثاني الذي يحمل نفس الاسم، مع اختلاف كبير في اللوحات، إذ نجد هنا حالتين أساسيتين: شجرة الحياة الموجودة في أغلب أساطير العالم والأوغاريتية السورية تحديداً، بشر وحيوانات وصيادون يتفيّأون ظلّها ويمارسون طقوس الحياة، أمّا الحالة الثانية هي القطط، التي أعدّها جلاّبة للحظّ، وترمز إلى الحبّ والحياة والسلام، حتى أنّ بعض الحضارات كالمصرية قدّستها قديماً، أدخلتها بطريقةٍ غير مباشرة مع الأساطير السورية، في لغةٍ بصريةٍ أردت إيصالها إلى المتلقّي.
وعن تجربته المتميزة في تقسيم اللوحة إلى لوحات عدة قال: قسّمت عدداً من لوحاتي إلى مربّعات، كلّ مربّع لوحة صغيرة بمفرده، مثلاً الجدارية الكبيرة التي تتصدّر أحد الجدران، تمثّل قصة البعل السوري، عبارة عن ستة أجزاء، تتكرر أشكالها ومفرداتها من إنسان وحيوان وعربات وأدوات صيد، وتتغير حركاتها وعروضاتها، كالختم الأسطواني في أوغاريت، وأعدّها أهمّ لوحة في هذا المعرض، لما تحمله من فكرٍ سوريّ عميق، وتجسّد التحية، كل التحيّة لسوريانا في عرض غير مباشر وغير مقصود.
أمّا (أبجدية الأزرق) حدّثنا عنها: معرضي السّابق (أبجدية الأزرق) يشكل بحثاً علمياً وفنيّاً وفلسفياً كاملاً، أردت منه أن أجعل كل الألوان زرقاء، فالأحمر أزرق، والأخضر أزرق، والمقصود هنا أوظّفه حسب توضّعه ضمن السياق التشكيلي بما يخدمه، لذا نجده طاغياً إلى حدّ ما في معرضي (لسوريانا)، وله دلالاته الخاصة.
وأضاف: لئن اخترت موضوعاً جديداً للوحاتي اليوم، إلا أنه يبقى مرتبطاً بجميع مواضيعي السابقة كالغابة وأبجدية الأزرق، البحر، أوغاريت، وأساطيرها، فالفنان لا يمكنه الانفصال عن تاريخه ولا عن تاريخ بلده، وعلى الفنان أن يعيش في حالة بحث دائم، ويمكن أن أبني معرضاً كاملاً على لوحة واحدة.
وعن تحضيرات المعرض قال: استغرقت سنتين تقريباً، ويبلغ عدد اللوحات المشاركة في العرض ثلاثاً وأربعين لوحةً، تتراوح قياساتها بين صغيرة (60×60) وجداريات أكبرها فاقت المترين.
* التشكيلية لينا ديب (عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الفنانين التشكيليين): كما اعتدنا دائماً في أعمال سموقان العنصر الواحد نرى فيه تحليلاً لألوان عدة، لكن في معرضه اليوم وجدنا تكوينات جديدة مختلفة الأسلوب وتشكيلات غلب عليها المربع الأساسي المحاط بمربعات صغيرة تحوي عناصر مكملة للموضوع الأصلي، إضافة إلى اللوحات الشريطية التي تحوي عناصر بتكوينات أفقية أو عمودية، كل شريط يغلب عليه لون واحد يصبغه لكنه مكون من ألوان عدة، وأضافت: عناصر سموقان متنوعة، الغابة بأشجارها وحيواناتها، الإنسان، حكايا الأسطورة، لوحات تروي قصصاً، وتركيزه على القطط في لوحاته التي توحي إليه بتشكيل فنيّ فيه تحليل للمساحة بأسلوبه المبسّط المختزل، يجعل اللون ينطق بالمفردات التشكيلية، وتمنّت له مزيداً من العطاء والإبداع خاصّة وأنّه من التشكيليين غزيري الإنتاج وله دور كبير في إغناء حركة الفنّ التشكيلي وتنشيطها، إضافة إلى المتعة والبهجة والفرح البصري والنفسي والروحي الذي تبعثه لوحاته فينا.
* التشكيلي تيسير رمضان: تجربة الفنان سموقان متجددة دائماً من حيث العناصر والتكوين والألوان، يضيف إليها ما يخلق حواراً بين مكوناتها ومفرداتها التشكيلية، يغلب عليها ما يشبه الختم الأسطواني الأوغاريتي وإيحاءات أسطورية مختلفة ومتنوعة.
* التشكيلي بسام ناصر: الفنان سموقان له بصماته الكبيرة والهامة على السّاحة الفنيّة التشكيلية السورية والعالمية، وهو إنسان قبل أن يكون فناناً، ومعرضه اليوم يضم أعمالاً حديثة إضافة إلى بعض أعمال تجاربه السابقة، ما يميزه التطرق لموضوع الأساطير الأوغاريتية من خلال لوحات تشبه الرُّقُم أو الأختام، تضم أشخاصاً وحيوانات بحركات وإيماءات مختلفة كأنما تروي قصة قديمة، وأضاف: وجود عنصر القطط بشكلٍ طاغٍ على أغلب اللوحات لتبدو للوهلة الأولى وجه قطّة، لكن في الحقيقة حاول سموقان أنسنة هذا الحيوان، كأنما أراد إعطاءنا شعوراً إنسانياً من خلال وجوهها ووضعياتها المختلفة، وفيما يتعلق بالألوان نجدها جميلة جداً غلب عليها اللون الأزرق إضافة إلى وضع بقع لونية حارة كالأحمر أو الأصفر في بعضها، ما يعطي (هارموني) لونياً متوازناً يشعرنا بالسّعادة والتفاؤل والأمل.
هذا ويستمر المعرض حتى الرابع من تموز المقبل يومياً من الساعة الثانية عشرة وحتى الثامنة مساءً.
ريم جبيلي