وجوه عابرة

العدد: 9373

25-6-2019

 

مرَّة أخرى يغصّ الملتقى بالحضور، غارقاً في انتظار لحظة الانصراف، إلاّ أنَّ من يريد الغرس والسقاية يبقى وحيداً في غربة صوته ورجع صداه، يحمل إليه الوقت عتاباً يرفل بثياب السواد، فيرميه على شواطئ الاغتراب، ليسند رأسه بين كفيه وهو على مقعده.
هذا زمن الحيرة والضياع، يبدو المرء فيه كقشة في مهب الريح، تطير في فلوات المدى الواسع، ظمأى في زمن المطر..
هذا الرجل المتحدث، رافع الراية، قدّم وأعطى وأخلص في البحث عن منابع الكلم الطيب والعون والعمل… لكن من حوله تستلقي الأعمدة والحجارة والحصى كأجساد بلا رؤوس.. حال انطفأت فيها شموع الدروب لينسلّ ليل مخلفاً وراءه هجرة طيور لا وطن لها، تعصف بها ريح الرحيل والغربة، يثقل الألم أجنحتها وهي تمضي من العذاب إلى أماكن لا تعرف وجهة لها ولا محطة للوقوف فيها..
في لحظة تألق تسري فيها رعشة الحياة والعودة إلى الوطن، تستعيد أغانيها، تتحرى من خلالها إرث شواطئها وصخور أمواجها فتأخذ بالرجوع.
هؤلاء عمال وكادحو الوطن، هنا في معركة البناء والإعمار التي تمثل امتحاناً لأصالة الشعوب وقدرتها على إثبات وجودها وشخصيتها في الحياة، والاستمرار في الثبات والصمود، دليل حيوتها وتماسكها..
تلك جموع الجنود العائدين من جبهات القتال، يرفعون راية النصر عالياً خفاقة، تلك النفوس التي تتأمل في مرآة نضالها وفي وجوهها المتعبة صور تضحيات مواكب الشهداء من رفاقهم الذين طهروا تراب البلاد واستحالت ذكراهم وشاحاً يزيّن شرفة الأيام، ووساماً على صدر الوطن.

بسّام نوفل هيفا

تصفح المزيد..
آخر الأخبار