الوحدة 9-3-2024
ليس في ريف الدريكيش فحسب .. هل سنبقى رهن قساوة الطبيعة والتسليم بفرضيات القضاء والقدر المكتوب؟ هل بات لزاماً علينا العودة إلى إرشادات وبِدع القدامى في سبيل إبعاد الأخطار عن ذويهم، عندما كانوا يخترعون أساطير وحكايا مُرعبة ينسبونها إلى سالف العصر فيؤكدون أن الجب أو المغارة في نهاية القرية يسكنهما الجن أو “العفاريت الزرق”، و أصبحت هذه الكذبة موضع يقين حتّى من قِبل مُطلقيها، فيصبح المرور من هناك يشبه الكابوس، وهنا بيت القصيد، حيث يمكن للمعنيين بأمور السياحة والبلديات اتباع نفس الأسلوب، عبر وضع إشارات وتحذيرات معيّنة، وإبعاد الخطورة ولو لنسب معينة عن تلك المطارح التي موّنتها الطبيعة ووضعتها ضمن خصوصية خطيرة بالنسبة لبني البشر.
بالأمس قضى الشاب قيس في مغارة كانت نائمة أيقظتها الدراما السورية المعاصرة، فأنعشت أهميتها نُخبة من الفنانين الذين لاحقتهم كاميرا التصوير في تلك المواقع السياحية البكر، ولم ينته الأمر هناك، فقد نحظى مستقبلاً بأوضاع مشابهة لمغارة الدلبة ضمن الأوابد الأثرية الغنية بالتفاصيل المجهولة، كما في قلاع المرقب وصلاح الدين.. وحجارتهم المعلّقة التي تعارك فنون الطقس وغضب الطبيعة، وقد نجد أيضاً مغاور ودهاليز بحرية أخرى كما شاهدنا اكتشافها على شواطئ كسب، وكل ذلك بحاجة إلى تصويب وتعريف عن مكامن الخطورة التي تحيط بهذه الأماكن والإبلاغ عنها بإشارات دلالة وتحذيرات.
وبالعودة لمغارة عين الدلبة، لا بُد من التنويه والإشادة بتفصيلة مهمّة عنوانها كبير جداً، عندما اجتمع شباب من القرى المحيطة، خاطروا بأنفسهم وتطوّعوا بعمليات بحث مستمرّة، وكان لهم الفضل الأكبر بتخفيف المُصاب والألم عن ذوي الفقيد، وهذا دليل حتمي ساطع بأن أريافنا لا زالت بألف خير، فلهم الشكر والتقدير.
تنويه قديم .. في قريتنا مغارتان واضحتا المعالم على أحد طرقاتها، المرور جانبهما كان يسبب خفقان قلب وقشعريرة وتوتّر عام مع إبعاد النظر، وكله بسبب الروايات التي حيكت حولهما عندما دخل أحد أبناء القرية إليها ولم يعد، ومغارة أخرى بأحد وديان القرية اعتبروها منزلاً
” للضبعة” ، وبالتالي تحييد هذه الأماكن الخطيرة عن شقاوة الأولاد.
سليمان حسين