الوحدة:18-1-2024
كريم الشيباني السياسي والشاعر الإنسان خطّ بقلمه منذ زمن أفكاراً لا زالت حتى يومنا هذا تترجم صوراً وأحداثا كانت له الأسبقية في تكشفها وإيجاد الحلول لها.
كريم الشيباني الأب والحنان منذ نعومة أظفاري وأنا أراك وهاجسك الأول هو الوطن وحرية الإنسان وانعتاقه والسياسة لديك ليست سوى وسيلة للتطور وخدمة المجتمع والوصول به إلى الحوار بديلاً عن الصراع وكنت أول من طرح في سورية مقولة السلام الاجتماعي بديلاً عن الصراع الطبقي الذي شطب في موسكو بلد المنشأ لتحل محله مفاهيم ديمقراطية تتمثل في تعدد الأحزاب والمدارس الفكرية والسياسية وإعادة الاعتبار للمرجعيات الدينية على اختلاف أنواعها وأول من طرح (تعدّد أطياف المجتمع السوري) بحيث صار هذا المصطلح الآن مصطلحاً معتمداًَ في شتى أوساط العمل السياسي في سورية وعلى مستوى الحوار والندوات الحوارية، فإنك وفي جميع الندوات التي أقمتها كنت تحرص على حضور جميع الأطراف على تناقضاتها واختلاف أفكارها وكنت تنجح في رأب الصدع بينها إذاً فقد كنت تمتلك نهجاً مبدئياً ورؤية استباقية أتاحت لك أن ترى بعين زرقاء اليمامة المستقبل الذي ينتظرنا خلال ربع قرن فمدرستك سباقة وديمقراطيتك شملت آفاقها الجميع إذ لم تكن شكلاً خارجياً زائفاً بل كانت تنبع من الأرض والإنسان وحبك الهائل للقائد المؤسس حافظ الأسد والرئيس جمال عبد الناصر، وما كتبته حول هذين القائدين التاريخيين فإنما يدل على حسك القومي وتمثلك بكل ما يعنيانه من شجاعة ونبوغ وأصالة انتماء وحربك الشعواء على التيارات المناوئة للعروبة والديمقراطية باسم الأيديولوجية الجامدة ذات البعد الأحادي فقد جلبت لك الكثير من المتاعب وتحملتها وجابهتها بكثير من الصبر. فأسست الحزب الوطني الديمقراطي في الثمانينيات وزودته ببرامج مرحلية واستراتيجية تصلح خطاً نضالياً وفكرياً لهذا الحزب في الأمد المنظور وغير المنظور علماً أن مطلوب من هذا الحزب وكوادره وقيادته الاستمرار الدائم في تطوير برامجهم ولغتهم بما يتماشى مع المستجدات الدائمة من الصراع الكوني الذي أريد سورية أن تكون ساحته الدموية الملتهبة وتحويله من صراع عربي صهيوني إلى صراع عربي عربي حقق لإسرائيل مطامحها في إلغاء مفهوم الدولة الوطنية العلمانية لتحل محلها دولة عنصرية مرسومة وفق مقاسات الكيان الصهيوني العنصري ولكن قوة المجتمع السوري ووحدته وحكمة وشجاعة السيد الرئيس بشار الأسد وصمود جيشنا العربي السوري العقائدي كانت السبيل الأنجح لصمود الجمهورية العربية السورية، ولذا فأنا أخاطبك الآن أيها الأب الراحل كريم الشيباني وأنت في علياء خلودك وأطمئنك أن الوطن بخير وأن سورية ستبقى كما عرفتها وأردت لها دائماً أن تكون وطن الأوطان وطن العزة والصمود وطن الإنسان.
حلمي أن أراك تطل على وطن
وعلى حلم آفل مثل بدر السماء
ودوماً أراك طالما أنني
سائر في خطاك
فهواي هواك
ورؤاي رؤاك
إن روحي فداك
وفدى وطن مثخن بالعراك
وفدى قرية ظللتها رؤاك.
ويوم رحيلك يوم الولادة
كريم حفيدك وعد الريادة
منتصر كريم الشيباني