صناعة المستقبل

الوحدة :6-12-2023

توقيت صعب يمر، تتناحر فيه التزاماتك لتتبوأ الصف الأول من واجباتك التي أضحت اليوم أكثر اتساعاً وأشد إلحاحاً، وأنت تحاول جاهداً ترتيب أولوياتها فتكتشف أن الوقت المتوفر لديك أقل من المطلوب وعليك البحث عن ساعات إضافية لتمويل وقتك الهارب، لكنك لاتجد من يقرضك أي دقيقة إلا جسدك الناحل الذي يتخلى برضا كامل عن راحته وحقه في الاسترخاء.
فالعمل المضني الذي بات صفة يتسم بها هذا الزمان والازدحام المتنامي في كل شيء بدءاً من حركة المرور وانتهاء بالواجبات الاجتماعية، كل ذلك يفترس وقتنا ويسقط من بين أيدينا إمكانات التأمل لإيجاد وسائل التعبير عن الأفكار التي تدور في مخيلاتنا والابتكارات الكامنة في عقولنا، مايجعلها قابعة في أماكنها وبالتالي لا تصل إلى الآخرين كما يجب.
إن هذه الدوامة التي يرزح تحت وطأتها إنسان العصر الحديث عصفت به نتيجة أسباب عدة من أبرزها التشتت الفكري والتناقض الإيديولوجي الذي يعانيه، فنجده حيناً في أقسى اليسار وحيناً آخر في أقسى اليمين.
لايستقر على حال ولا يثبت على منهج، مثله مثل حركة السوق، حيث البضاعة الجديدة تنسف القديمة بفضل هوس الاستهلاك ونمط العيش اللامسؤول.
من هنا كان لابد من التمعن قليلاً في إيجاد فلسفة جديدة للحياة تجعلنا أقل توتراً وأكثر إدراكاً لأولوياتها ، فالانتقال مثلاً من الإيديولوجيا إلى الفلسفة أي من الشعارات إلى المعرفة، ومن عبادة التاريخ إلى صناعة المستقبل، ومن العمل لكي يتعلم الأولاد إلى العمل من أجل الاستمتاع بما ننجز، قد يحمل بين طياته جزءاً من الحل لاقتناص الوقت الملائم لكل فعل نقوم به
وهناك تعاريف كثيرة للفلسفة هي البحث العقلي عن حقائق الأشياء المؤدي إلى الخير، وهي تبحث عن الكائنات الطبيعية وجمال نظامها ومبادئها وعلتها الأولى أي البحث عن حقائق الموجودات لمعرفة المبدع الأول، ولها شرف الرئاسة على جميع العلوم وفيها تعرف موضوعات العلوم كلها، فهي معرفة الكائنات وأسبابها والمبادئ الجوهرية، وعلتها الأولى.
الفلسفة هي علم السعادة في الحياة والعمل لتحقيقها وهي العلم بالموجودات بماهي موجودة وهي فن المعرفة
ومعرفة الحقائق الثابتة.
لكن هذا الانتقال ليس بالسهولة التي نتصورها، إذ إن التخلص من التراكمات التربوية العالقة في نفوسنا تحتاج إلى إرادة فولاذية، وجهد مضن وحكمة ونضج واضخين، والأهم من هذا وذاك الخطوة الجريئة الأولى التي تشكل المفتاح السحري للانطلاق نحو التغيير الذاتي.

لمي معروف

تصفح المزيد..
آخر الأخبار