الوحدة – يمامة ابراهيم
انحباس المطر الطويل حبس أنفاسنا، وبدد آمالنا بموسم كنا ننتظره أن يأتي وفيراً خيّراً، لكنه وبفعل الجفاف جاء ضعيفاً هزيلاً فقيراً بالغلال، فموسم الزيتون مثلاً وبفعل الجفاف انخفضت كمياته إلى أقل من النصف ماسبب خسائر كبيرة للمنتجين، وكذلك موسم الحمضيات، حيث عانت البساتين من العطش الذي قاد بدوره إلى اليباس، وخروج مساحات كبيرة من دائرة الإنتاج، وربما اضطر البعض لقلع بساتينهم تحسباً لدورة جفاف جديدة، وإن كنا خصصنا بالذكر الزيتون والحمضيات فلأنهما الموسمان المهمان في البيئة الساحلية مع التأكيد أن كل الزراعات تأثرت بالجفاف وبانحباس المطر.
خير السماء جدد فينا الأمل، ونحن نشم رائحة التراب بعد يوم ماطر، وكم نتمنى أن يكون هذا الخير عميماً يحيي عروق الأرض بعد موات، جميع الدراسات تؤكد أننا أمام حالة من دورة مناخية جافة، وأمام تبدلات مريبة في الطقس، وهذا بدوره يضعنا أمام تحديات مواجهة الحالة والبحث عن حلول مستدامة لتعويض النقص في الهاطل المطري، واستثمار الكميات الهاطلة، فلا يجوز في ظروف كظروفنا أن نسمح لقطرة ماء تسقط في أرضنا أو تنبع منها أو تمر فيها دون فائدة نجنيها أو استثمار يعود علينا بالنفع.
الأرقام المأخوذة من الأرصاد الجوية وبعد حساب متوسط الهطول السنوي لخمسة أعوام تبيّن أن ما يسقط في اللاذقية يقارب ستة ملايين ونصف م٣ من المياه، بينما نستفيد بأقل من ٣٠٠ ألف م٣ منها، وإذا ما دققنا في الفارق الكبير بين كمية الهطول وحجوم التخزين نجد مشروعية المطالبة بإقامة سدات مائية على كافة مجاري المياه التي صنعتها الطبيعة، وعلى كافة السواقي والمثيلات المائية حتى ولو بحجوم تخزين صغيرة تقل قليلاً أو تزيد عن مليون م٣، وقد تجلت أهمية إنشاء مثل هذه السدات أثناء عمليات إخماد حرائق الغابات كي تكون مصدراً للتزود بالمياه الضرورية لعمليات الإطفاء.
السدات المائية ضرورة عاجلة وملحة فهي لاتوفر كميات مياه للري فقط، بل تزيد من مخزون المياه الجوفية التي بدأت هي الأخرى بالنضوب والتراجع المخيف، وعدا عن ذلك رغم أهميته الكبيرة فلهذه السدات إن وجدت دور في زيادة التنوع الحيوي والاعتدال المناخي ومنافع أخرى عديدة تحفزنا لبدء العمل عليها كمشروع استثماري تنموي.
