الوحدة- لمي معروف
عاود هذا المرض الظهور حتى في أكثر الدول تقدماً في مجال العناية الصحية، ولطالما خشي الإنسان هذا المرض وأطلق عليه اسم “سعال المئة يوم”، نظراً لطول فترة حضانته وتأثيره في صحة المصاب لأن أزمة السعال التي يتسبب بها تجعل المريض مضطراً إلى شهيق شديد يشبه صوت الديكة، ويعد هذا المرض من نوع الالتهابات التي تصيب المجاري التنفسية صيفاً أو شتاء لا فرق في ذلك.
الأعراض:
تبدأ أولى أعراضه على شكل التهاب في الأنف وسعال خفيف في بادئ الأمر مع ارتفاع بسيط في درجة الحرارة في بعض الأحوال، ولكن بدلاً من أن تتحسن حالة هذه الأعراض الخفيفة فإن السعال يأخذ طريقه إلى تطور سريع وخاصة بعد اليومين السابع والعاشر عقب بداية الإصابة، مع ظهور تشنجات تنتاب المصاب ليلاً ويصبح التنفس معها غير مجد لوقف هذه الأزمة، أو إراحة المريض مع جريان الدمع في العينين واحتقان واضح على مستوى الوجه، ثم يصبح الشهيق مصاحباً لصوت واضح يشبه صياح الديك.
التشخيص:
يتطلب تشخيص إصابة السعال الديكي فترة طويلة نسبياً، ريثما يتم خلالها إجراء نوعين من الفحوص، وهما فحص اللعاب بعد زرعه مخبرياً حيث يتم تحليل جينات البكتريا المتسببة بهذا المرض لتحديد العامل المرضي بدقة، ويمكن إجراء الفحص نفسه اعتباراً من مجاري الفم والحنجرة عند المراهقين والراشدين على أن يتم الفحص في عيادة أو مستشفى متخصص بهذا المرض،
ويخضع المريض لفحص الدم إذا لم تكشف فحوص اللعاب عن النتائج الدقيقة، حيث يجري عادة قياس مضادات الأجسام.
ويمكن لأزمات السعال الديكي أن تستمر لفترة ثلاثة أسابيع، وقد تبقى ملازمة للشخص على مدى شهرين تقريباً، مع زيادة في إفرازات السائل المخاطي، وشلل يصيب خلايا بطانة الشعب الهوائية، ولذلك فإنه من المفيد الاستمرار بالسعال لإزالة تراكم البلغم، مع كل ما يمكن لهذا السعال أن يتسبب به من إجهاد شديد، ويمكن أن تستمر فترة الحضانة لعشرة أيام، وخلالها تكون الحالة شديدة العدوى، وهنا يتوجب في هذه المرحلة بالذات الخضوع للعلاج بالمضادات الحيوية لوقف انتشار البكتريا، وبالتالي خفض شدة السعال وإن لم تكن الفحوصات قد أفضت إلى نتائجها النهائية والتعرف إلى حقيقة الإصابة فإن تعاطي المضادات الحيوية يبقى أمراً غير مرغوب به، لأن المضادات ستكون ذات تأثير سيئ إن أخطأ التشخيص نوع المرض.
وتفيد المضادات في منع العدوى لحماية الأشخاص ضعاف البنية وقليلي المقاومة من الذين يعيشون بالقرب من المصاب وخاصة الأطفال الرضع والحوامل والأشخاص المتقدمين في السن، أو الذين يعانون مرضاً في الجهاز التنفسي، ويعد خمسة أيام من تعاطي المضادات الحيوية يختفي أي خطر عدوى من المصاب، ولكن يجب إبعاد الأطفال عن المدارس لفترة شهر كامل، وينصح بإعطاء المضاد الحيوي لكل شخص قريب من المصاب، ويكون التطعيم الوقائي ضرورياً حال اكتشاف أبسط في المنطقة لأن دوام المرض لفترة شهرين يمكن أن يتسبب في إضعاف شديد لقدرات المصاب، مع احتمال معاودة السعال إثر أي إصابة زكام أو انفلونزا نتيجة بذل مجهود بدني والتعرض للتيارات الهوائية.
وبما أنه لا يوجد حتى الآن أي دواء مخصص للتعامل مع هذا المرض فإن العلاج يهدف إلى السيطرة على السعال وما يتسبب به من تشنحات، ويبقى المصل في الوقت الحاضر أفضل طرق الوقاية، وهو من ذلك النوع الذي يستخدم الجرثومة الكاملة مع وجود مصل غير خلوي يتحمله المتلقي بشكل أفضل من المصل التقليدي.