الوحدة – رنا رئيف عمران
تحمل زيارة وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، إلى موسكو بعداً سياسياً لافتاً، ففي ضوء التغييرات الجارية داخل سوريا، تسعى الحكومة الجديدة إلى إعادة صياغة علاقاتها الخارجية، وعلى رأسها العلاقة مع روسيا، بما ينسجم مع رؤية تقوم على الشراكة المتوازنة لا التبعية، وعلى احترام السيادة والمصالح الوطنية المتبادلة.
فالعلاقات السورية – الروسية في حقبة حكم الأسد الهارب دخلت منعطفاً حساساً، حيث تم توقيع عدد من الاتفاقيات الاستراتيجية في مجالات متعددة كالمرافئ والطاقة والاقتصاد، في ظروف افتقرت إلى الشفافية وغابت عنها الرقابة المؤسسية. وقد تم ذلك تحت ضغوط سياسية وعسكرية جعلت من العلاقة مع موسكو تميل إلى طابع “الهيمنة المقنّعة”، أكثر منها شراكة ندية.
اليوم، مع محاولة سوريا فتح صفحة جديدة في علاقاتها الدولية، زيارة الشيباني هي بمثابة خطوة أولى في مراجعة هذا الإرث، والسعي نحو تطوير نمط مختلف من التعاون. وهو ما عبّر عنه الوزير الشيباني في المؤتمر الصحفي الذي أعقب اجتماعه مع نظيره الروسي، حين شدد على أن “سوريا حريصة على شراكات متوازنة تحفظ السيادة وتخدم مصلحة الشعب السوري”، مؤكداً أن بلاده “منفتحة على إعادة تقييم الاتفاقيات بما يحقق العدالة والوضوح.”
هذا التحول لا يقتصر على روسيا فقط، بل يعكس توجهاً عاماً نحو بناء سياسة خارجية أكثر استقلالية، قوامها احترام متبادل وشراكة قائمة على المصالح المشتركة.
إن إعادة ضبط العلاقة مع موسكو يجب أن تكون بداية لمسار أوسع، تتجه فيه سوريا نحو تعزيز علاقاتها الدولية على قاعدة الاحترام والسيادة الوطنية، وفتح آفاق تعاون حقيقي مع مختلف الدول، بعيداً عن أي إملاءات.