الوحدة 5-10-2023
لم يكد موسم الحرائق ينتهي بما حمله من ويلات على غاباتنا، حتى أتى موسم آخر للجور على هذه الغابات،فعلى أبواب الشتاء، سيساهم شح مصادر التدفئة التقليدية بجموح الناس نحو استخدام الحطب كمصدر بديل، وخاصة في الأرياف الباردة والمرتفعات الجبلية، لأن المقارنة بين تكلفة التدفئة على الحطب وتكلفة أي مصدر آخر غير مجدية، وسننحو بشكل تلقائي لاختيار الحطب “من استطاع إليه سبيلاً”..
وبين حاجة المواطن لتأمين الدفء لبيته وعائلته ودخول تجار الحطب على الخط، يدفع غطاؤنا الأخضر ثمناً باهظاً، ويُحرم صاحب الحاجة من حاجته، فبدل أن نكتفي بالتقليم لتأمين احتياجات منزلية، يتحول الأمر إلى قطع لا يرحم، ويتصدر التجار المشهد، ليحولوا ما هو متاح إلى أمر بعيد المنال، فيدفع المواطن ثمن طن الحطب مئات آلاف الليرات، وتدفع الغابات عقوداً من عمرها بسبب الجشع والطمع وغياب العقلانية في التعامل معها.
ومهما تحدثنا عن تنظيم لعملية التحطيب، لابد أن نجد من يصر على تحويلها إلى تجارة، من الصعب ضبطها أو حصر تجارها، لأننا سنحتاج إلى جيش من عمال الحراج والمخافر، وإلى قناعة من التجار أنفسهم بأن هذه الغابة لن تعطيك فرصة أخرى للمتاجرة فيها إن تابعت بسلوكك المتطرف تجاهها.
وها هو رئيس دائرة الحراج في مديرية زراعة اللاذقية المهندس جابر صقور يؤكد للوحدة أن نقص الكوادر يحول دون تحقيق الحماية المناسبة للغابات، فرغم وجود ٢٩ مخفراً، إلا أن عدد العناصر لا يتجاوز ال163عنصراً، وهذا العدد بعيد بالمطلق عن الحاجة الفعلية، ولا يستطيع تغطية جزء بسيط من جغرافية المنطقة، منوهاً إلى ضرورة التعويل على الوعي المجتمعي، خاصة لجيران الغابات، لأن منتجات الغابة يمكن الاستفادة منها بطرق أفضل من القطع الجائر، ويمكن أيضاً لجيران الغابات أنفسهم لعب دور مهم في الإبلاغ عن كل معتدٍ على هذا الغطاء الأخضر، لأن هؤلاء يساهمون بقوة في تصحير المنطقة، وسلب البيئة أهم مقوماتها.
في سياق متصل أشار م.صقور إلى أن الضابطة الحراجية سجلت 654 ضبطاً حراجياً منذ بداية العام الحالي، وحجزت 87 آلية، وبيّن صقور أن القانون يعاقب بالحبس من 6 أشهر إلى سنتين، وبغرامة مالية قد تصل إلى مليون ليرة لكل من يقوم بالقطع من المواقع الحراجية.
وأوضح م. صقور أن مديرية الزراعة تبيع طن الحطب للمواطنين بـ500 ألف ليرة عبر البطاقة العائلية لمرة واحدة في العام، ويتم تجميع هذه الكميات عبر فرق دائرة الحراج بما يُسمى عملية التربية والتنمية التي تنتهجها مديرية زراعة اللاذقية للحفاظ على المواقع الحراجية.
ياسمين شعبان