العدد: 9339
25-4-2019
هل مازالت (قصة الخلق) تدور في رؤوسكم كما تدور عقاربُ الساعة على مدار الساعة؟
ومثل قصة الخلق كيف يهطل المطر، وتنشد البشرية نشيدَ الخلق الأول؟ ونشيدَ الغيمةِ الحبلى التي تلد المطرَ رذاذاً وبَرَدَاً وندفَ ثلج؟
يذكّرك البحرُ حين يحوط بموجهِ خصرَ صخرةٍ مغناج، أنكَ ما زلتَ تنتظرُ خصرَها، على مفترقاتِ دروبِ الرمل.
هل تحنّ الهياكلُ العظمية إلى ارتداء ثيابها المعلقة في الخزانة، والنزول مجدداً بربطةِ عنق للسير على أرصفةِ مدنٍ بلا جدران ولا أوراق نعوات سوداء؟
هي أرضُكَ، أنتَ غيمُها قليلٌ من رذاذك، كي تكبرَ قبيلة آدم.
من منكم بلا انتظار لموته، فليرمِ عزرائيلَ بضحكةٍ ساخرة.
في فصل الربيع، هل تنبتُ في قيعان الأرواح أزهارٌ ملونة، ثم لماذا لا يطلُ الربيعُ في كل الفصول؟
هل ترتّل عقولنا في محطاتٍ ما أنشودةَ الضجيج؟
هل السموات السبع تغصّ بالقادمين وحقائبِ سفرهم وذكرياتِهم، أولئك القادمين، مرغمين، من مطاراتِ الأرض؟
من ينقش تاريخَ عمرنا على جدرانِ الذاكرة، ويكتبنا على مرايا، بلا وجوهٍ، بلا ظلال؟
من يُودِعُ رسائلَ قلبه، بعد الرحيل، في صندوقةِ البريد الحمراء؟
ثم هل تستقبل السماءُ رسائلَ مضمونة، تحتويها أظرفٌ مخططة، وعليها طوابعُ ملونة، وختمٌ أرضيٌ مدوّر؟
هل نخطئ حين نعلن (التربة) أمّاً حانية لابنتها (الشجرة)، حين تبقى جذورُ طفولتها مغروسة في رحم الأرض؟
هل الفرح عجوزٌ يمشي على قدمين، وتحتَ إبطه عكازٌ، يتحرّك عكسَ السير؟
فقط حين تبكي الثكالى على نعوش (الشجعان القدّيسين)، فقط في تلك اللحظة النورانية، تبكي في عروشها (الأنبياء).
ذاتَ حزن، ربما سترقص، وأنتَ تطوّق خصرَ الدمعة، على موسيقا (نينوى).
ربما هو سيزيف المتعَب، يحمل صخورَ ذكرياتنا، يدفعها من قعر الروح، نحو قمةِ الرأس، الواقفةِ في وجهِ الريح..
تصفع شيطانَ شعرك، وتنهر الشيطانَ القابعَ في كهف جسدك، تلملم جسدَكَ، تضعه في كأس من كريستال التراب، تردد مع كازنزاكي (بقليل من الجنون نغيّر العالم)، وسريعاً تهرول برفقةِ جمجمتك، نحو أقربِ حانة، لتشربَ نخبَ الجنون.
جورج ابراهيم شويط