قرية بطمّوش … تغفو على أعلى التلال وتعانق الروح والفؤاد

الوحدة : 21-11-2022

قال عنها الكاتب نبيل عجمية قرية متواضعة تسمع على دروبها تردّدات التراتيل والصلاة، وتشمّ عبق بخور في بيوتها… تتربع بطمّوش على كتف تلة عالية، جوها الصافي يشعرك بالأمان والهدوء والطمأنينة، وتشكل الزيارة إليها فرصة للتمتع بجمال الطبيعة، فالجمال الطبيعي فيها يحمل سحراً رهيباً، لأنّ أيادي التشويه والإساءة لم تجرؤ على لمسها، ويحسّ الزائز أنّه معلق بين السماء والأرض، إذ ترتفع حوله جبال شامخة وتلامس خدوده نسمات شمالية باردة معطرة.

تلك القرية الرابضة في الجرد العالي، تغفو على أعلى التلال 1150 ـ 1200 م عن سطح البحر تلامس خدودها وجه السماء. وتحدث الكاتب عن زيارته للقرية: وصلت إليها وصحبتي عند الثانية عشرة ظهراً عبر طريق بيت ياشوط ـ بشيلي ـ معرين ـ بطموش وبمسافة /20 / كم يوم الجمعة 2022/1/21، وقد لامست درجات الحرارة عتبات /2/ تحت الصفر، أبناؤها ما زالوا أبناء الجرد المتمسكين بأصالته ولا زالوا يذكرون أحد أجدادهم الذي يدعى “حسون” وهو اليوم جد “بطموش” الذي مر في رحلته بقرية “بيت عانا” وأمضى فيها مدة من الزمن قبل أن ينتقل إلى قرية “بورجيلة” ويستقر فيها ويدفن فيها، وينسب أهل القرية إلى حفيديه “محمد وخلوف”، أنهما من جاءا وأقاما في “بطموش” وكانت حينها عبارة عن غابة كبيرة ، ومن ثم بدأت تتكون القرية حتى أخذت صورتها الحالية. وقرية بطموش هي قرية بلا ينابيع تعتمد على مياه الخزانات الطبيعية (سدات صغيرة) أو خزانات وآبار صنعها أهلها وفيها اليوم يحيرة صناعية جميلة / بحيرة بطموش الصناعية /. تعد “بطموش” من القرى التي مازالت تحافظ على ريفيتها حتى الآن، حيث يعتمد أهلها على الزراعة (القمح والتبغ) وتربية المواشي وخاصة الماعز وفي منزل الرجل الكريم أبو علاء ديوب وهو والد شهيد بطل، وعلى مائدته كانت لنا جولة مع الزبدة العربية والشنكليش الفاخر وخبز التنور وفقط في بطموش كل شيء من إنتاج القرية . تعود تسمية بطموش لأبجدية أوغاريت فحرف الباء فيها آتٍ من كلمة “بيت”، وكلمة “طموش” تعني الأرض الخصبة، أي إنها “الأرض الخصبة”، وهناك رواية أخرى تقول إن للتسمية جذراً سريانياً ويعني “المدفن أو المغارة”، والقرية تشتهر بكثرة النواغيص وهي قبور حجرية قديمة. يذكر أن قرية “بطموش” تعد آخر قرية في محافظة “اللاذقية”، وتأتي بعدها من جهة الشرق محافظة “حماة”، ومن جهة الجنوب محافظة “طرطوس”، وهي نقطة التقاء المحافظات الثلاث. تركنا القرية واتجهنا على طريق غير معبد إلى البحيرة الجميلة (بحيرة بطموش) وتابعنا طريقنا بكل الفرح والجمال تحيط بنا الجبال وقد رصعتها الثلوج وأضفت عليها خضرة داكنة وخاصة وقد عانقها الضباب. كل شيء هنا يعانق الروح والفؤاد … إنها الجنة ولا ريب…

نسيم صبح

تصفح المزيد..
آخر الأخبار