أفعالنا.. وغضب الطبيعة

الوحدة : 11-11-2022

بعد الأمطار الغزيرة التي هطلت بغزارة على مدينة اللاذقية منذ عدّة أيام، تكشّف المستور وبانت العيوب، فوضعت تلك الخيرات مفاعيلها العكسية على الشوارع وبعض المنازل التي تشارك الشوارع في مستواها العام أو أدنى منه، حيث باتت هذه الشوارع والأحياء مكاناً ملائماً ومستقراً للسيول و الفيضانات وما تحمله، وقد ولّد هذا الأمر تفاعلاً شعبياً كانت منصّات التواصل الاجتماعي مسرحاً له، فشُبّهت الشوارع بالأنهار وبندقية إيطاليا، وانصبّت جميع الاتهامات على مؤسسات الدولة المعنية بأمور البلدية والصرف الصحي متجاهلين المسؤولية التي تقع علينا كمواطنين شاركنا بطريقة أو بأخرى غضب السماء، على أقلّ تقدير من ناحية عدم التزامنا بقوانين النظافة، عندما نرمي أعقاب السجائر والمحارم على الطُرق وشِباك الصرف الصحّي الذي يُخفي أفعالنا السيئة على نحو أربعة أشهر من أيام الصيف وما يقدّم من أتربة وغبار تتكدّس في عتمة تلك المجاري النحيلة، حيث يتم تثبيتها هناك بعد عمليات الشطف الصيفي الذي تُمارسه البلدية على نيّة تنظيف الشوارع وتقديمها بشكلها الراقي، غير مدركين أن الأمر هذا يتطلب ضخ كميات مضاعفة داخل تلك المصارف للقضاء على مناسيب الطمي الذي يتحوّل إلى ما يشبه الإسمنت مع الأيام وبالتالي اختناق الأنابيب وعدم قدرتها على استيعاب مياه الأمطار، وقد انكبّت كافة الدوائر الخدمية في ذلك اليوم لممارسة دورها بكامل طاقتها البشرية وما تمتلك من آليات، فكان هناك الدور اللافت لعناصر شرطة المرور في ممارسة أرقى أنواع التعامل الإنساني الذي لم يغب عنهم يوماً، إضافة إلى قيام الكثير من المتطوعين بمساعدة عمّال النظافة على تسليك وتنظيف الجور الفنية واختناقاتها، وكل ذلك دفع المعنيين القائمين على المحافظة بالتفكير جدّياً بضرورة إعادة وصياغة وضع شبكات الصرف الصحّي في المدينة والعمل على تجديدها بما يلائم الكثافة السكانية وازدحامات الشوارع التي تنعكس بدورها على الأمور الخدمية .. فهل من الممكن مستقبلاً وضع ضوابط تُلزم الجميع بتطبيق القوانين البلدية والنظافة العامة لردع العابثين بنبش الحاويات والتقيّد بمواعيد رمي القمامة المنزلية أسوة بباقي المحافظات؟

إضافة لوضع برامج بيئية بمشاركة الفعّاليات الأهلية والجمعيات بأيام تطوعية لتنظيف الشوارع والحدائق شبيهة بمبادرات تنظيف الشواطئ التي كان ينفّذها متطوعون مهتمون بالوضع البيئي، ومن خلال ذلك يصبح التصدّي لاضطرابات طقس الشتاء أكثر واقعية وتقبّلاً لدى الجميع فتغيب كافة الأعذار والمبررات لتبقى قسوة السماء هي الفصل وهي الحكم.

 

سليمان حسين

تصفح المزيد..
آخر الأخبار