ما بين زيتونة وتشرين عشق أبدي

الوحدة : 25-10-2022

نعيش أياماً من القحط والجفاف ليكون فيها بعض الانتعاش بحلول تشرين، وقطاف موسم الزيتون الذي فيه الخير الوفير من الزيت المحرك لمطبخ البيت باكتنازه في المونة والطيبات. الأستاذ برهان حيدر – باحث في التراث، أشار إلى أن شجرة الزيتون مباركة ومعمرة، وأغصانها رمز السلام, وتحدث عن قطاف الزيتون أيام زمان وحكايا العشق والحقول، فقال: شوفا تقطف زيتونا سوسحني سواد عيونا يستيقظ أفراد الأسرة باكراً بل ويسابقون صياح الديك, بعد أن تكون الأم قد حضرت الزوادة التي يغلب عليها الماء واللبن وخبز التنور, يسيرون إلى حقلهم وقد حملوا أدواتهم وحاجاتهم ليوم طويل, وما إن يصلوا حتى ينزلوا حملهم, وتبدأ النسوة بفرش ما يسمى (بمدات ) من الخيش لتتجمع عليها حبات الزيتون, والتي قطفها الشباب، ونبروها بأعواد قصيرة, والبعض من الرجال يقومون بغربلتها للتخلص من الأوراق المتساقطة معها وجمعها في أكياس وخياطتها بالمسلة والخيط, وهنا يسمى ( حواش الزيتون ). أما القطاف فيورد عند قطاف الزيت, حيث يجمع في أوعية خاصة بواسطة ملعقة خشبية أو قرعوش, ومن الأدوات المستخدمة في حواش الزيتون, العصي الطويلة والقصيرة وتسمى الواحدة ( نابور ) والمفارش وأكياس الخيش وقد يستعان بالسيبا ( وهو سلم خشبي له ثلاث ركائز ودرجات خشبية ), وأحب أن أذكر هنا تعاون أهالي القرية لبعضهم في المواسم وقطاف الزيتون, فما إن تنتهي عائلة من جني محصول حقلها حتى تسارع لمساعدة جيرانها وأقاربها, وهنا لقصص الحب صولة وجولة, وتعلو الزغاريد. ها وضيوفنا كلوا ولا تغصوا ها وشفافكن من الزيت هيك ببصو ها ولا تقولوا أهل العريس فقيرين ها وكلوا ولسا الدست نصو وأشار إلى طريقتين لاستخراج الزيت, بقوله : زيت الخريج الذي يتم الحصول عليه بغلي الزيتون في الماء وسلقه ثم تجفيفه على السطح لعدة أيام, بعدها يجرش بواسطة باطوس حجري على شكل رحى كبيرة تجرها دابة ثم ينقل إلى جرن حجري يوضع به ماء ساخن حتى درجة الغليان, يحرك الزيتون المجروش لينفصل الزيت ويطفو على سطح الماء, ليقطف ويجمع في أوعية فخارية لترقيده والتخلص من ( العكر), ولهذا الزيت نكهة خاصة وجذابة في الطعام وخاصة المجدرة والبرغل بحمص, والزيت الثاني الذي يستخرج بواسطة المعاصر القديمة, حيث يتم تكسيره بواسطة الباطوس ثم ينقل إلى المعصرة ويجمع بوعاء كبير ويوزع على قطع من القنب تسمى ( الخواص)، وترتب في مكبس فوق بعضها يحرك ( بالباروم ) يحركه العمال لزيادة الضغط، واستخراج الزيت الذي يتجمع في جورة لها فتحة في الأسفل تغلق ويطفو الزيت في الأعلى، ثم يقطف ويجمع في أوعية فخارية منها : ( الخابة والدبليز والجرة والكراز والكرازة والبرش والبريشة وهي من أفضل الأواني لحفظ الزيت بجودته ونكهته, والخابة (القنطارية ) تتسع لأكثر من 500 كغ زيت استخدمت في معصرة عين البيضا منذ عام 1930 وقدمت هدية للمتحف. ( كول خبز وزات وناطح الحاط ) مثل يقال لفائدته الغذائية والصحية, ويقال في ضرورة استخراج الزيت فور قطاف الزيتون ( من السجرة للحجرة )، فهو أفضلها إذ يحتفظ بمادة تعطيه طعماً حاراً وهي مادة مفيدة جداً للجسم من حيث المناعة وتقيه الكثير من الأمراض, كما أن زيت الزيتون استخدم للإنارة قبل البترول, كما أن بقايا الزيتون بعد العصر تسمى عرجوماً, يعاد عصره في معامل خاصة ليستخدم زيته في صناعة الصابون, ثم يستخدم العرجوم في الوقود والتدفئة.
هدى سلوم
تصفح المزيد..
آخر الأخبار