لوحة تراثية في الذاكرة العتيقة.. (أبو العز) يحيى محجوبة، أشهر بائع فول باللاذقية

الوحدة : 21-10-2022

أشهر بائع فول باللاذقية. يعرفه أهلها جيداً منذ نصف قرن من الزمن وربما أكثر.. وبين محطة وأخرى من بيع الفول كان يعمل بحاراً عابراً للقارات، فزار إسبانيا واليونان وقبرص ومالطة والجزائر وغيرها..

يحنّ الى أيام البطرني والكورنيش القديم والمقاهي، التي برأيه كانت أحلى أيام..

و الفول لديه، كأنه بالوراثة، حيث ورثه عن والده، ويبدو أن ابنه، كما قال يحب، المال أكتر من الدراسة..

اشتهر بعبارات يرددها وحفظها منه الناس: (شنكررر.. اعطيييه الضووو العااالي..

ناولوووو.. اسرررع..

شكلك ولعااان، ياعنتر الجفلااان..

أما السينمات، زمان، فكانت تشهد ازدحاماً فوق الطبيعة أيام الجمعة وبالشتاء والأعياد ..

ولا ينكر بأنه تزوج مرتين، وعنده بنت، لكنها ماتت، وقد صار جدّاً..

وقفتُ بجوار العربة، وتحديداً على باب سينما الأهرام المغلق منذ سنين وسنين.. أبو العز (يحيى محجوبة) يبيع للزبائن. أحدهم قال له: ماذا يا عمي أبو العز؟ صورك (مطروشة) على الفيس. رد عليه: قولك قلبتْ الفيس بريسلي؟؟

أبو العز، أباً عن جدّ من سكان القلعة. لكن الأصل من حارة الصليبة. نزل إلى ساحة الشغل مع والده من ال 1970 وقتها كان عمره 9 سنين، فهو من مواليد 1961 : (الوالد الله يرحمه كان يعمل على عربة الفول من أيام فرنسا. وحين توفي عام 1981 كان عمره 85 سنة). كان المرحوم يصفّ عربته عند البطرني، وبالكورنيش القديم، هذا الكلام يعود لسنة ال 1976 وحين (هرم) صرنا أنا وإخوتي نأخذ مكانه بالبيع.

عندي 3 إخوة شباب، أنا أصغرهم. ولم أدخل بحياتي لا مدرسة ولا كتّابْ. ” فقط عايش خلف هذا الطنبر” (وأشار لعربة الفول). الشغل ايام البطرني، بالسبعينات، على الكورنيش كانت أحلى أيام، وهذا الموقع أهمّ موقع بالشرق الأوسط. إطلالة على البحر، ومقاهي ومطاعم: بالتسلسل (الكازينو – سبيرو – اللكبان – فينيسيا صاحبها عبدالرحمن هارون – البحري – مينة القزيز – العصافيري) والأحلى كان فينيسيا. وطاولة ل 6 أشخاص عليها مشاوي ومشروب ومكسرات لا تكلف 800 ليرة.

أما دور السينما فتكون (ولعااانة) أيام الجمعة، وخاصة بالشتاء، وأيضاً بالأعياد. وقتها صحن الفول ب ثلاثة أرباع الليرة أو بنصف ليرة أو بربع.

كان وقتها يبيع أيضاً (محمد هنيدي) الهيطلية على أصولها، مع القطر وجوز الهند والفستق الحلبي، والصحن ب 7 فرنكات (يابلاااش). وأيضاً بائع العبيد السوداني (سعد). سافر عام 1982 الى السودان وانقطعت اخباره..

وعن أحلى أيام عاشها قال:

(حين سافرت بالبحر 1979 اشتغلت بحّاراً على سفن يونانية، ونزلت بموانىء كتيرة، بإسبانيا وقبرص ومالطا والجزائر واليونان.. وبمدينة عنّابة بالجزائر شخص جزائري عرفني من لهجتي أني سوري، ومن اللاذقية. وإذ به كان مساعداً بالجيش الفرنسي. خدم بالمندوبية، وسكن بحارة الشحادين/ الأشرفية.

تجوّلت في مدن وبلاد، لكني لم أكن أحب الخطأ، لأني متعلق بأهلي مثل طفل وتربيت هكذا..

تزوجت مرتين ورزقني الله 5 أولاد. بنت منهم ماتت، وعندي 3 أحفاد. يعني أنا جدّو..

عندي صبي وحيد. صفّ سادس. وهو يميل للمصلحة. لأنه يحبّ القرش، ولايحب الدراسة. ولو أني أتمناه أن يتعلم. أبو العز مستأجر ب 35 ألف بالشهر، بحارة القلعة. وفيما بعد سيحصل على ورثة من بيت أهله.

يتابع أبو العز: سعر صحن الفول حالياً ” بالعلالي” من زمان كان ب ٥٠ ليرة وأقل، و الفول كحبّ هو من إنتاج محلي من الغاب وأيضاً من حلب. ولكن صار كل شيء نار.عدا المكملات من ليمون حامض وسمّاق وكمّون وفلفل وحب بهار نحن نطحنه..

* لا أعرف لماذا شعرت أن روح ( أبو العز) ودعاباته و ” أنكلاته” تشبه تركيبة أبو وديع سلطان الطرب.

بآخر الكلام نقول (لأبو العز) أطال الله بعمركْ وعزيمتك على العمل، وتبقى بهذه الروح الحلوة، لأنك، انت شخص نظيفْ نقيْ، ولوحة جميلة من تراث هذه المدينة البحرية، ومن ذاكرتها العتيقة..

 

جورج إبراهيم شويط

 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار