العدد: 9329
8-4-2019
العارفون بـ (بواطن الأمور) أو من يعتقدون أنفسهم كذلك، يتحدثون عن مواقع موثوقة، وعن صفحات مقرّبة، وعن أشخاص مخصصين لإطلاق إشاعات تريد من خلالها (الحكومة) قياس نبض الشارع قبل اتخاذ بعض القرارات المهمة، وغالباً ما تأتي النتائج (القرارات) مطابقة أو قريبة مما رّوج له..
هكذا يردد مواطنون، وبإمكاننا أن نرى في هذا الأمر بعض الإيجابية، فإن كان هذا الكلام مدروساً ومعتمداً رسمياً فهذا يعني أن (الحكومة) حريصة على رأي مواطنيها وليست (متعالية) أو غريبة عنهم، وإن كانت في النهاية ستقرر ما تراه مناسباً ولو كان رأي الناس في اتجاه آخر؟
آخر هذه القضايا هو ما يدور حوله الحديث الآن (البنزين) والذي بدت معالم تحولاته واضحة نهاية الأسبوع الماضي، وهو الأمر الذي حاول المعنيون نفيه وإنكاره، لتتناقض التصريحات الرسمية لاحقاً بشأنه..
من حيث المنطق، فإن الحكومة هي الأدرى بما لديها، ويفترض أنّها الأحرص على إدارة ما لديها، وسبق أن قلنا عبر هذا المنبر إنه بإمكان وزارة الكهرباء على سبيل المثال أن تلغي التقنين إذا ما أبقت شريحة ما من استهلاك الكهرباء مدعومة ورفعت السعر لمن يتجاوزها وعندها سيتحوّل التقنين إلى تقنين ذاتي وستبقى أيامنا مضاءة بالكهرباء، وما اقترحناه للكهرباء هو ما يدور الحديث عنه حالياً بخصوص البنزين، وإذا كانت الدراسات دقيقة وإن أكثر من 90% من مالكي السيارات الخاصة تتراوح حاجتهم بين 70-150 ليتراً في الشهر، أي بوسطي حوالي (100) ليتر، فلا مشكلة كبيرة برفع سعر كميات الاستهلاك الزائدة عن هذا الحدّ، (واللي بدو يعمل جمّال بدو يعلّي باب الدار) شرط أن يكون ضبط هذه المسألة دقيقاً وألا يكون مجرد قرار ونقطة انتهى، مع مراعاة توفير البنزين لحالات خاصة يجب تنظيمها مثل (المنشار الكهربائي المخصص للاحتطاب، مولدات الكهرباء للحرف المرخصة، المرشات الزراعية، العشّابات، .. إلخ).
القفز فوق الواقع يعطي صورة غير حقيقية، والأخذ بهذا الواقع بكلّ موضوعية وواقعية يخفّف من حدّته، أما إن كنا سنرى في أي إجراء ما هو سلبي فقط، ولا يخصّ إلا القليلين و(نطرش الفيسبوك بوجعه) فإننا نكون كمن يشعل الحرائق ويلوم من لا يسارع إلى إطفائها..
قد يسأل سائل: لماذا مثل هذه الإشاعات تتحول إلى واقع بسرعة البرق، بينما تلك التي تفرحنا (مثل زيادة الرواتب) تبقى مجرد إشاعات؟
أنا لا أملك جواباً ولا يحقّ لي أن أحيله إلى غيري، ولكن تفاءلوا بالخير تجدوه..
خلاصة الكلام، لسنا جبهتين، تظللنا سماء وطننا الحبيب، خيرنا في عزّته وصموده، وقوته بإيماننا به وانتمائنا له، ولن يكون إلا قوياً ولن نكون إلا أعزاء.
غانم محمد