التعلم المتكامل .. مشروع يجمع بين اكتساب المعرفة والمهارات

الوحدة: 14-7-2022

أم نور تسند رأسها على يدها وهي جالسة على مقاعد الانتظار في بهو مديرية الثقافة و تراقب الأولاد خارجين من صفوف التعلم المتكامل وتقول: للأسف تأخرت في تسجيل ولداي (نور ونوري )، بدورات التقوية في الدروس والمنهاج وهما في الصف الثالث والرابع، ولولا هذا التأخير لكنت وفرت على نفسي أجور الدروس الخصوصية.

أم حيدر من سقوبين تقول: الكومبيوتر والزومبا والتمثيل لتنمية مواهب الأولاد كلها بالمجان, ولطالما كانت بمثابة حلم لأولادي ولكن دون أمل عندي, حتى جاؤوا إلى المركز الثقافي في مشروع التعلم المتكامل ومع فريق بناء مهارات الحياة، حيث لاقوا ما يتمنون، فليس بمقدوري أن أسجلهم في المعاهد والدروس الخصوصية لضيق الحال المادية، وكنا قد تهجرنا من الشام في الأزمة ليجدوا اليوم فسحة الأمل وفرص التعلم والمشاركة الجماعية مع الأولاد والزملاء، وقد هدأ بالي من التفكير كيف أشغل أوقات فراغهم في الصيف واطمأن قلبي عليهم وعلى دراستهم, أرجو لهذا الدورات أن تستمر، فأولادي سعداء، وأشكر أفراد هذا الفريق من كل قلبي ولهم منا بطاقة حب وتقدير.

الأستاذ خالد البهلول – مشرف على مشروع التعلم المتكامل أشار إلى: أن هذا المشروع يأتي بالتعاون بين وزارة الثقافة ومنظمة اليونيسيف, مضيفاً: بدأ المشروع عام 2021 توجهنا فيه إلى المتسربين من المدارس نتيجة الأزمة وكورونا، لنقوم بتعويض الفاقد التعليمي لديهم ومحاولة إعادتهم إلى المدارس أو دمجهم ببرنامج التعليم فئة ب، يضاف إليهم الطلاب الذين هم في خطر التسرب بسبب الأوضاع المادية أو العمل أو بعد أماكن سكنهم عن المدارس.

وأردف قائلاً: المشروع يجمع بين التعلم والمهارات التي تشمل (الحاسوب، المسرح، التمثيل، الكورال، فنون شعبية، خط ورسم،طي الورق، الأوريغامي، وغيرها)، والمشروع مستمر ومتجدد على الدوام حيث يشهد اليوم إقبالاً كبيراً عليه وهو ما دفعنا للتوسع الجغرافي في المدينة وليكون للمشروع مراكز فرعية جديدة في الرمل الجنوبي وحي الدعتور، يضاف لها المركز الرئيسي في مديرية الثقافة .

يحتضن المشروع في جميع مراكزه / ٨ /شعب للتسرب، يضاف لها بعض الصفوف لدعم الطلاب الذين هم في خطر التسرب من الصف الأول الابتدائي حتى الصف الثامن , كما أنه خلال العام الدراسي نضيف صفوفاً لدعم طلاب الشهادتين الإعدادية والثانوية, ويرافق هذه الصفوف جميعها جلسات المهارات, وقد بلغ عدد الطلاب المستفيدين في الفترة الصيفية وحتى اليوم حوالي ٦٠٠طالب من جميع الفئات العمرية.

وأيضاً يشمل المشروع، وضمن اهتماماته، جلسات توعية لأهالي الطلاب والتي تنحصر على المجال التربوي والاجتماعي وتدور محاورها على ماهية التعامل مع الإشكالات التعليمية والسلوكية التي تواجههم مع أبنائهم، بالإضافة إلى الاهتمام بأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة لنقوم باستقبالهم ونقدم الخدمات التعليمية كافة لهم.

واختتم حديثه إلى ما تأتي عليه خطة المشروع بقوله: نظراً لتواجد طلاب من خارج محافظة اللاذقية سنقوم برحلات ميدانية تعريفية بأهم معالم اللاذقية التاريخية والسياحية، هذا ويتم حجز ملعب بشكل دوري لممارسة الأنشطة الرياضية ضمن الأنشطة الخارجية للمشروع.

ندخل أبواب المشروع و من غرف حواسيبه وشاشاتها، يكون لنا لقاء مع الأستاذ علاء مطر – مدرس معلوماتية بالمشروع، حيث أشار لنا بأن الأولاد في المشروع قسموا على فترات أربع وفئات حسب الأعمار, ويوجد في الصف الواحد ( ٨ – ٢٠) طالباً، بعضهم يتابع معنا منذ العام الفائت, ليكون عندنا مستويات ومنهاج نشتغل عليه ،وقد بدأنا ببرنامج الويندوز ثم أتينا على معلومات ومفاهيم في كيفية التعامل مع الكومبيوتر وأجزائه وفي الخطوة التالية نظام التشغيل وبعدها إضافة حساب شخصي وتغيير الصور وغيرها الكثير، لتتالى بعدها تعلم برامج الأوفيس والوورد وللبور والأكسل والأكسس إذا فسح لنا المجال بتوفر طلاب من صفوف التاسع والعاشر.

وتابع بقوله: أغلب هؤلاء الطلاب أتوا بإرادتهم وبدافع شخصي يبغون التعلم وزيادة معارفهم وخبرتهم.

فمنهم طلاب من الصناعة وأيضاً المعلوماتية يطالبون بمعلومات أكثر تخصصاً فلا نستطيع بذلك أن نرضي الجميع بوقت واحد، وبالتالي نحن نتحدث عن الكمبيوتر عصب حياتنا اليوم.

حامد جرماق – طالب بكالوريا أكد أن لديه الوقت الكافي ليشغله بكل مفيد، ويقضي في الصف وقتاً ممتعاً مع رفاقه وشاشة الكومبيوتر وأستاذه الذي يزوده بكل المعلومات التي تقدم له الفائدة ويأخذ بيده إلى المستقبل, فهو يريد دخول كلية الهندسة والتي تتطلب منه مهارة التعامل مع الكومبيوتر وكيفية استخدامه للدراسة والعمل.

وفي صف آخر ندخل أبواب الألوان وطي الأوراق والفراشات صفراء وزرقاء وحمراء تطايرت بين أيدي أطفال صغار وعلى مقاعدهم ،ومنهم الطفلة ليلاس بعجر – صف أول قد أمسكت فراشة زرقاء وتحاول أن تطيرها بابتسامة وتصيح بقولها: أحببتها كم هي جميلة زرقاء كالسماء، أحب معلمتي التي أعطتني الورق الملون وعلمتني صنع الفراشة لأزين غرفتي ومدرستي.

وعلى أبواب المشروع وقفت أمهات وبنات على ساعات انتظار بينهن الشابة تقوى – صف سابع، ومريم – صف سادس حيث كانتا في صفوف المشروع العام الفائت واليوم من المتأخرات ويسألن متى توفر فرصة لهما؟، والباقيات ينتظرن خروج أبنائهن الصغار بالأحضان .

هدى سلوم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار