مبادرة فردية تعيد لأم الطيور بعض رونقها المفقود

الوحدة 25-5-2022

لكي تنال نصيبك من الرُقي والتطور عليك أن تُقنع الآخرين بصوابية الأعمال والاجتهادات الشخصية التي تقوم بها سواء كانت جماعية أم فردية، وخير مثال على تلك الأعمال الفردية ما قام به أحد وجهاء قرية أم الطيور على نفقته الخاصّة، تلك القرية التي عصفت الحرائق بتفاصيل تضاريسها من كافة الجوانب، حيث داهمت الأهالي في عِقر دارهم وأتت على مزروعاتهم ومحاصيلهم ولم تسلم منها حتى الحدائق العامة والمنزلية لشدّة ضراوتها وسرعة انتشارها، فأصبحت محاصَرة بالرماد، كُسِرت القلوب واحترقت الأحلام، فكان السيد بشار غضبان أحد أهلها النازفين دماً ودموعاً على ما آلت إليه قريتهم التي كانت تتغنّى برونقها الطبيعي وبساطها الأخضر، فقد تغيّرت المعالم وتصحّرت الجبال ولم يبق سوى بحرها الحزين الشاهد الأوحد المشلول عن ردّ القدر، فبادر السيد غضبان بمحاولة مستميتة إلى إعادة – ولو جزء من بهاء قريته – إيماناً منه بأن السكوت والاستكانة هو الفشل بحدّ ذاته، فقام بزراعة مساحات كبيرة على طول طريق ومدخل القرية بأشجار الصنوبريات، وأنشأ مداخل ترابية مصطنعة على بعض جوانب الطريق تشبه المواقف والاستراحات الطرقية ليتسنى للسائقين ركن سياراتهم بأمان والاستمتاع بتلك الرسوم الربانية التي تعانق البحر والسماء، وبكل حرفية قام بإنشاء موانع عند المنعطفات خشية الانزلاق مزوّدة بشاخصات دلالة، إضافة إلى تحسين الطرقات الداخلية وتلوينها ليكتمل الجمال عبر حدائق قام بتهذيبها من خلال إنشاء مقاعد تليق بحسن الضيافة فتتشبّع القلوب والأرواح بلهفة العودة، وتجلّت وطنيته وحبّه لكيانه الأكبر عبر إنشاء منصات إسمنتية يتربّع عليها علم البلاد يرفرف على منصّات في أماكن عديدة، ليعلن للعيان أنّ قصّة الخير الأزلي وعشق تراب المربى لا زالت تتشعّب بين تلك الضلوع والأوردة، وحكاية هذه الأفعال والمآثر الفردية أصبحت مغنى الجميع ناهيك عن مساعدات ومكرمات طالت العديد من الأهالي والضيوف كانت أم الطيور ملجأهم ومستقرّهم الآمن بين أهل محبين جذورهم أصيلة وعاداتهم في الكرم شامخة راسخة، ومن هنا تُبنى البلاد وعلى هذا المنوال تصبح الذكرى حقيقة واقعة، فهل يكون ابن أم الطيور مثال غيره، أفعاله تُشبه العبرة، قد يعتبر الآخرون.

 

سليمان حسين

تصفح المزيد..
آخر الأخبار