الوحدة: 15-5-2022
تكثر الظواهر الفلكية التي غالباً ما يتم ربطها بتوقعات حول حدوث كوارث وأحداث معينة على سطح الأرض، وهو ما يرفضه علم فيزياء الفلك جملة وتفصيلاً، ومن الظواهر التي يُنتظر حدوثها قريباً (خسوف القمر وظاهرة القمر الوردي)، حيث يؤكد د. محمد معلا، الدكتور في قسم فيزياء الفلك بجامعة تشرين، وعضو الاتحاد الفلكي الألمانيAG- وعضو الاتحاد الفلكي الأوروبي ESA.
أن هذه الظواهر تتكرر كل عدة سنوات، ومنذ آلاف السنين، دون أن يكون هناك أي أثر سلبي على كوكب الأرض أو على سكانه.
وأوضح د. معلا قائلاً: نحن مقبلون يوم الاثنين القادم (2022.05.16 ) على حدث فلكي شهير جداً، وهو خسوف كليّ للقمر يرافقه ظاهرة فلكية ممتعة للغاية تدعى بالقمر الدموي.
وفي سياق توضيحه قال د. معلا: يحدث خسوف القمر عندما يعبر القمر المكتمل (البدر) منطقة مخروط ظل الأرض (Umbra) أما في منطقة شبه ظل الأرض (Penumbra) فإنه توجد على العكس من ذلك كمية ضوء كافية بحيث لا يمكن مشاهدة أي خسوف للقمر.
هناك نوعان رئيسيان لخسوف القمر فلكياً، الأول هو الخسوف الكلي للقمر ويحدث عند عبور كامل قرص القمر لمنطقة ظل الأرض، في حين أن عبور جزء من قرص القمر المكتمل لمنطقة ظل الأرض يؤدي إلى حدوث النوع الثاني من خسوف القمر وهو الخسوف الجزئي، وتجدر الإشارة إلى أن دخول القمر إلى منطقة شبه الظل يؤدي إلى مشاهدة ما يدعى بخسوف شبه الظل، ولكن لا يصنف هذا الخسوف فلكياً على أنه خسوف رسمي للقمر.
وأضاف معلا: كما نعلم فإن الشمس والأرض والقمر لا تقعان في مستوى واحد، حيث أن مستوى دوران القمر حول الأرض يميل عن مستوى دوران الأرض حول الشمس بزاوية قدرها حوالي ٥،٢ درجة، وبالتالي فهما يتقاطعان في نقطتين هما العقد.
ويجب أن يكون القمر في إحدى العقدتين حتى يحدث الخسوف، ولكن نتيجة عدم وقوع الثلاثة (الشمس والأرض والقمر) في مستوى واحد ونتيجة اختلاف سرعة دوران كل من القمر حول الأرض وسرعة دوران الأرض حول الشمس، فلا يحدث الخسوف بشكل شهري كون القمر يحتاج إلى حوالي شهر نجمي واحد كي يتم دورة كاملة حول الأرض.
وأشار معلا إلى أن الحسابات الفلكية بينت أن أوقات الخسوف والكسوف ( اقتران الشمس – القمر – الأرض (تتكرر في نفس الشروط تقريباً كل حوالي ١٨ سنة و١١ ساعة تقريباً وهو ما يعرف بدورة (Saros Cycle) ساروس، وبين معلا أنه وفي يوم الاثنين القادم وعند الساعة ٣٠: ٤ صباحاً بتوقيت دمشق ستبدأ ظاهرة الخسوف, حيث سيدخل قرص القمر منطقة شبه الظل وبالتالي سنشاهد ما يعرف بخسوف شبه الظل يكون القمر ( ُمغبَشاً) فقط وغير واضح حتى حوالي الساعة السادسة والنصف صباحاً، حيث سيدخل كامل قرص القمر منطقة ظل الأرض وبالتالي لن يسقط ضوء الشمس على القمر كما هي العادة، أي أنه لن يضيء وبالتالي ينخسف ضوءه بشكل كلي(خسوف كلي) لمدة زمنية تقدر بأقل من ساعتين, ثم يبدأ بعد ذلك بالخروج من منطقة الظل إلى منطقة شبه الظل مرة أخرى إلى أن تنتهي الظاهرة ويعود ضوء القمر إلى الحالة الطبيعية.
أما فيما يتعلق باللون الأحمر للقمر أو ما يعرف بالقمر الأحمر أو القمر الدموي (moon Blood) فقد أوضح د. معلا أن هذه الظاهرة فيزيائية بحتة تنتج عن مفعول فيزيائي شهير يدعى بتشتت ريليه (Rayleigh scattering )،فبدلاً من الظلام الدامس أثناء الخسوف يُشاهد القمر بلون أحمر غامق أو بني داكن.
فعندما يكون القمر بدراً في الأحوال العادية فإنه يضيء السماء بنوره, ولكن في حالة الخسوف التام يتلاشى هذا الضوء ويسيطر الظلام الدامس على السماء، ولكن الأرض لا تستطيع حجب الضوء بشكل كامل حيث أن جزءاً بسيطاً من ضوء الشمس ينفذ إلى القمر ونظراً لتميز الغلاف الجوي للأرض بقدرته على تثبيت الأطوال الموجية القصيرة من الضوء المرئي بشكل كبير (كاللون الأخضر والأزرق ) مقارنة بالأطوال الموجية الكبيرة (كاللون الأحمر) فان الغلاف الجوي للأرض يكون قادراً عند الخسوف على تثبيت معظم الأشعة الزرقاء والخضراء من هذا الضوء، مما يؤدي إلى بقاء الأطوال الموجية الطويلة كالضوء الأحمر والبرتقالي والتي تتابع مسيرها باتجاه القمر لتنعكس عليه، وبالتالي يظهر القمر محمر اللون عند الخسوف التام.
تجدر الإشارة إلى أن هذه الظاهرة الجميلة لا تسبب أي مضار للعين البشرية مقارنة بالكسوف الكلي للشمس.
ونوه معلا إلى أنه من الممكن مشاهدة المراحل الأولى فقط من هذه الظاهرة الفلكية الممتعة كونها ستحدث قبل ساعات الفجر الأولى من يوم الاثنين, في حين أنها مشاهدة في أوروبا وإفريقيا وقارة آسيا إلى جانب الأمريكيتين والقارة القطبية الجنوبية، وتستغرق جميع مراحل الخسوف منذ بدايته وحتى نهايته حوالي ٥ ساعات و١٩ دقيقة تقريباً.
وختم د. معلا بدعوة جميع المهتمين بعلم الفلك لحضور محاضرة علمية حول الخسوف الكلي بالإضافة إلى رصد ليلي للقمر باستخدام تليسكوبات وذلك في نادي الشبيبة للفلك وعلوم الفضاء التابع لفرع اتحاد شبيبة الثورة في محافظة اللاذقية, يوم الاثنين القادم في تمام الساعة السادسة والنصف عصراً في حديقة العروبة.
ياسمين شعبان