الطّلاق… قصصٌ عبرت نفق الموت إلى الحياة

الوحدة 25-1-2022

قصصٌ كثيرة نسمعها يومياً عن نساء طلبن الطّلاق ونِلنَ حرّيتهن بعد صراعٍ طويل أو قصير الأمد مع رجلٍ وصلت سبل الحياة معه طريقاً مسدوداً.. نفقٌ مظلم تخبّطت بين جدرانه إلى أن نالت حريتها وأعلنت انتصار إرادتها.. رغم أنّ كلمة (مطلّقة) يكتنفها كثير من القيل والقال، لكنّ ما خفي عن الناس كان أعظم من تطاول ألسنتهم ونيلها من اسم المطلّقة أو سمعتها..

لا شكّ أنّ مطالبة المرأة بالطلاق له أسبابه الموجبة والمقنعة، فهي لابدّ صبرت كثيراً وتحمّلت أكثر، وكابرت على آلامها وأوجاعها وضغوطاتها، وتجاوزت عشرات الزلّات والهفوات والإهانات وربّما الخيانات و…، وجابهت التعنيف الجسدي والنفسي واللفظي… بالصّمت كمن يبلع موساً على الحدّين..

كثيرات منهنّ أصبحن في مهبّ الريح لا بل الجحيم، تتلاطمهنّ أمواج الخيبة واليأس، وكثيراتٌ أخريات انطلقن إلى آفاق الحياة، وصنعن مجداً جديداً فكانت ولادةً طبيعية ميسّرةً بعد آلام مخاضٍ استنزف روحها وعقلها.

ربا وسمر وعفاف وشذى ورشا ومهى وأمل وغيرهنّ دخلن معترك الطلاق وخرجن منه منتصرات لكن بخسائر بعضها فادح وبعضها قليل، كخسارة حضانة الأبناء، أو التنازل عن حقوقهنّ المشروعة مقابل إطلاق حريتهن وسراحهنّ من سجن الزّوجية القاهر، وبعضها لم يتجاوز الماديات، وبعضاً من كرامة هُدرت حيناً لكن ما لبثت أن استعادتها وحفظت ماء وجهها وروحها..

وعن شظف الحياة ومرارتها بعد الطلاق قصصٌ تُروى، مع عودة سطوة الأب أو الأخ وتحكّمهما بمصيرها، وتدخّلهما بأدقّ تفاصيل حياتها، فهي الآن مطلّقة والعين عليها -كما يقال-، وأصبح همّها كبيراً عليهما، وما عليها هي سوى الرضوخ والخنوع، والرضا بما قسمته لها الحياة…

بعضهن اضطررن للعمل مع وجود الأبناء في حضانتهنّ، ومع قلّة النفقة المستحقّة أو انعدامها وقطعها عنهنّ، عقاباً لما اقترفته يداهنّ، فهنّ من طلبن الطلاق وعليهنّ أن يتحملن تبعاته.. سمعت عن إحداهن أنها عملت في بيع الخضار والفواكه، وكانت تعمل كالرجال في جلبهما من سوق الخضار إلى المحل الذي استأجرته لتعيل أبناءها.. وأخريات تنقّلت تجاربهنّ بين مهنة الحلاقة النسائية، والعمل في تنظيف البيوت، وتحضير المؤونة وبيعها، وغير ذلك من أعمال هدرت معها وقتها وعمرها، وسرقت منها سعادتها وفرحها..

الطلاق ليس نهاية الكون ولا موتاً سريرياً، بل بداية حياة جديدة واعدة، ابدئيها بالشكل الصحيح وضعي نقاطها على الحروف، وسيخسر كلّ من راهن على شجاعتك وبقائك على قيد الحب والأمل.. وكما لكلّ جوادٍ كبوة، لكل امرأة أصيلةٍ نكسة، تستعيد بعدها عافيتها الجسدية وألقها الروحي والإنساني.

ريم جبيلي

تصفح المزيد..
آخر الأخبار