الوحدة : 21-1-2022
في هذه الأيام العاصفة من ثلوج وأمطار عمّت أغلب مناطق القطر وتحديداً في الريف الجبلي لمحافظتي اللاذقية وطرطوس، ومن خلال ذلك تظهر نتائج الامتحان، الامتحان الذي يخضع له كبار السن المشرفين العامين لإدارة المنازل في شدّة الأيام وعنفوانها، هنا يبرز الاقتصاد القوي الذي يعتمد على ما تم ادخاره أيام (الرخاء) أو أيام الوفرة الصيفية بكل ما تعني الكلمة، الآن قد تتقطّع أوصال القرى عن المدن بسبب انقطاع الطرقات والأسباب معروفة وهي كثافة الثلوج والجليد الذي يكبّل كل شيئ، لذلك لا بُد من إزاحة الستار عن مؤونة الشتاء والاعتماد على محتوياتها، والقيام بسحب المواد الغذائية بكل حرص و تأنٍ، فالكبار هم على دراية بطول فترة الانقطاع أو قصرها، لذلك لا بد من وجود عقلٍ مدبّر يعتني بكل تفاصيل المواد المقنّنة والكميات المتوفّرة لكل نوع داخل مستودع (المونة)، المؤسسة الغذائية العائلية التي من المفترض دوام خيراتها لأشهر ثلاثة أو أكثر مع دخول بعض الانفراجات التي تدعم تلك المؤسسة، من مساعدات حكومية أو جمعيات أهلية هي على دراية بمدى وصعوبة تلك الإقامة الجبرية بين الثلوج والجبال الوعرة، والأهم من كل ذلك مواد التدفئة والحرص على وجودها بكامل طاقتها سواء كانت محروقات أم حطب داعم لتلك المدفأة التي تبقى في حالة اشتعال على مدار الساعة لإبعاد شبح الخطر عن الأطفال وكبار السن، ولمدفأة الحطب حكايات غاية الروعة من خلال تقديمها وهج الحياة وروائح الطعام المطهو عليها بكافة أنواعه، والاعتماد على دراسة واقع الحياة اليومية ومتطلبات الجسد والمحروم من الخروج النهاري والليلي، لذا فإن الحرص على تلبية احتياجات البدن ضرورية سواء كانت مواد غذائية من طحين وحبوب وكل ما تمّ تحضيره تحت شمس الصيف الحارقة ليتم التعامل معه الآن كالبندورة والفاصولياء والملوخية وغيرهم كثير، أمّا فاكهتهم فهي قمّة في الغذاء ولذّة الطعم، كالتين والعنب والفاكهة المطبوخة من مشمش وسفرجل وغيره، وهنا تكمن قيمة الحياة والنضال لأجلها .
لذلك يجب على أصحاب القرار مراعاة سكان تلك الأرياف البعيدة الوعرة ودعمهم بكل الوسائل ليكونوا ندٍ لضراوة الطقس وبساطه الأبيض، وصعوبة العمل والتنقّل طيلة هذا الفصل الطويل، ولنتعلم نحن بنو البشر من مجتمع النمل ونظامه الاجتماعي العادل القائم على الادّخار، وكيفية الحفاظ على أرواح الناس القاطنين ضمن ظروف صعبة، ومساعدتهم في تأمين متطلباتهم قبل دخول الشتاء ومتاعبه المتشعّبة .
سليمان حسين