هو قلبي

الوحدة 11-4-2021

أرهقته صباحات الكلام الطوًّافة همّاَ وقلقاً وتعباً. تشهّى قيلولة على بيادرالأحلام فاتخذَّ سريره على مفرش غيمة مندّاة, وراح يخلخل الفضاء, بعد أن أتعبته تموجات الدروب وقد التبس عليه الوصول البهي ..

هوقلبي … حين رأى المصابيح تفيض بضوئها والصور متلاحقات في كلَلَ الغمام. ظنَّ أن الفراشة التي استودعتها حقول البنفسج سيجذبها صحو الروابي فتأتيه مطلولة بالورد ومعبأةَ بالحنين.

هو قلبي…

انتفض ضافر الوجه ,راعش الأعراق مشبوب الحنين وامتطى صهوة الريح, تركض في كفيه أكمام السنابل, وأمواج الأقاحي. وراح يتهجد في محراب الندى, يتموّج فوق سفوح الذكريات ويغني للحصاد الذي أوتي أكله..

هوقلبي…

أراد قيلولته, ولأن الذكريات الماضية تجرح الجفون. أردت له أن يمتطي جوامح الرحيل أردت له أن يسافر بعيداً إلى حيث مرافئ الزهر تحتضن سفينته الملأى أقماراً فتضوعت في دمه براعم الأمل التي راحت تلوح من خلف انكسار الغيم حبات نور.

هوقلبي…

أحسست أن لأبهريه أجنحةَ ناميةَ وتود لو أنها تطير. كانت قطرات الندى تتلامح على الأزهار والشتول البرية وتتلألأ كنجيمات ليلٍ مقمرٍ.

أغمضت عيني ورحت أصغي إلى ما حولي وكنت أجاهد لكي أزيح أستار الذاكرة المكومة على سنوات عمري. عصفت بي هبة باردة فتساءلتُ : إلى متى ستظل هذه الرياح على عصفِها؟ أما آن لها أن تستكين؟!

أخذ المساء ينبعث على شفاه الغروب, والذكريات تنطلق محمّلةَ بجدائل من مقل وأهداب في حين أخذت النواقيس تسرع من دقاتها معلنةً ولادة فجرجديد.

سيف الدين راعي

تصفح المزيد..
آخر الأخبار