الوحدة 4-2-2021
للسعودات قصص وروايات نستعذب قراءتها لما لها من متعة لربط كل سعود من السعودات بقصة قد حصلت فما قصتها؟
الدكتور رياض قره فلاح أستاذ علم المناخ قسم الجغرافيا، جامعة تشرين، حدثنا بإسهاب لطيف عن كل سعود من هذه السعودات إذ قال: انتهت مربعانية الشتاء وتبدأ خمسينية الشتاء، وهي حسب الاسم تتكون من خمسين يوماً تبدأ في الأول من شباط وتنتهي نهاية يوم ٢١ أذار مع بداية أول أيام فصل الربيع، وتنقسم إلى أربعة أقسام تعرف بالسعودات هي:
– سعد الذابح أو سعد ذبح: يستمر٥. ١٢ يوماً من الأول من شباط وحتى منتصف اليوم الثالث عشر منه.
– سعد بلع: يبدأ من منتصف يوم الثالث عشر من شباط وينتهي في نهاية الخامس والعشرين منه.
– سعد السعود: يبدأ في اليوم السادس والعشرين من شباط وينتهي في منتصف اليوم العاشر من آذار.
– سعد الخبايا: يبدأ في منتصف اليوم العاشر من آذار, وينتهي في اليوم الواحد والعشرين منه.
تعود أصول التسمية إلى حكاية جرت مع ابن أحد أمراء البادية ويدعى سعد سافر مع أبناء قبيلته بحثاً عن الكلأ، وقبل مغادرته أوصاه أبوه الوصية الآتية (إذا ما هبت يا بني رياح جنوبية واضطرب الجو وحل البرد الشديد والمطر الغزير فاذبح ناقتك، ويذبح من معك أيضاً، واتخذ وجماعتك من جلود النياق مأوىً تأوون إليه، ومن لحمها طعاماً لكم).، وغادر سعد وجماعته القبيلة في منتصف كانون الثاني، وفي اليوم الأول من شهر شباط هبت رياح جنوبية تحولت بعدها إلى رياح شمالية باردة، وازداد اضطراب الجو، وبدأت الأمطار تهطل بغزارة، واشتد البرد، وأصبح من الصعب على سعد وجماعته متابعة الطريق، وهنا تذكر سعد وصية أبيه له ولجماعته، وقرر تنفيذ الوصية، وطلب من جماعته ذبح نياقهم فرفضوا الاستجابة لطلبه عازمين على متابعة السير، فلم يكترث سعد برفض جماعته، وقرر تنفيذ الوصية بمفرده، فذبح ناقته وأخرج أحشاءها، وجرد لحمها ليقتات به، وجعل من جلد الناقة خيمة يحتمي بها من المطر والبرد، وبقي سعد مختبئاً داخل جلد الناقة مدة اثنتي عشر يوماً ونصف لا يستطيع مغادرتها، وبعد ظهر اليوم الثالث عشر تحسن الطقس نسبياً، وخرج سعد من داخل جلد ناقته ليرى رفاقه ونياقهم أمواتا على مقربة منه. وفي فترة الجو المضطرب قلق أبو سعد كثيراً على ابنه، لخوفه ألا يكون سعد قد نفذ وصيته وكان يردد (إن سعد ذبح ربح، وإن ما ذبح ما ربح)، ولهذا سمي أول السعودات بسعد ذبح.
أما تسمية (سعد بلع) فتعزى إلى أن الأمير في هذه القصة كان قد نفذ كل ما لديه من طعام، ولم يبق في حوزته إلا القليل، فأخذ يلتهم (يبلع) من طعامه ما يسد رمقه، ولذا فقد سميت هذه الفترة بسعد بلع، ويقال في رواية أخرى إن هطول المطر توقف في هذه الفترة، وكان سعد ينظر من خلال ثقوب خيمته ليرى المياه تبتلعها الأرض يوماً بعد يوم حتى تسربت جميعها في باطن الأرض ولم يبق منها شيء ظاهر عند نهاية اليوم الخامس والعشرين من شباط ، ولهذا سميت الفترة بسعد بلع (السماء تمطر والأرض بتبلع).
في سعد السعود تستمر القصة حيث استطاع ابن الأمير الخروج من خيمته لبعض من الوقت ليعود إليها من جديد، وكان يخرج في آخر الفترة لمدة أطول، حيث اتسمت بداية الفترة بالبرودة ونهايتها بالدفء، مما جعل سعد يشعر بالسعادة لصحو الجو وارتفاع درجة الحرارة وقلة سرعة الرياح، ولهذا سميت الفترة بسعد السعود الباردة في أولها والدافئة في آخرها، وفيها قيل (بأول سعد السعود بترتجف القرود وبآخره بيدفا كل مبرود).
مع نهاية سعد السعود في منتصف اليوم العاشر من آذار يبدأ سعد الخبايا ويستمر حتى نهاية يوم 21 آذار بداية فصل الربيع، ومدلول التسمية في قصة سعد هو أن الدفء قد حل في كل أرض في هذه الفترة واستقر الجو، واطمأن سعد بأنه يستطيع الخروج نهائياً من مخبئه والعودة إلى قبيلته وفي هذه الفترة تخرج كل الحيوانات المختبئة كالأفاعي وغيرها ولهذا قيل المثل (بسعد الخبايا بتطلع الحيايا) و(بسعد الخبايا بتتفتل الصبايا).
أميرة منصورة