أخلاق المعاناة… ورجالها!

الوحدة 3-2-2021

لا قيمة كبيرة لأي إضافة (إيجابية) قد يفعلها المرء في زمن الرغد و(البحبوحة) تماماً مثل زهرة جديدة في حديقة مليئة بالزهور.

لكن عندما تحتلك الفيافي القفار, فإن نبتة صغيرة تصادفها تتحول في ناظريك إلى ربيع مكتمل الخضرة والتفتّح..

معروف عنّا كمواطنين نأكل من كدّ يميننا, أننا نزداد تعففاً مع اشتداد قسوة الحياة, ويتحول الغنى, كل الغنى, إلى ما تكتنزه أنفسنا من إباء وكرامة..

هذا الكلام عام, وينطبق على الكثيرين, لكن ثمة استثناءات ليست (عيباً) قد ينتظر فيها أحدنا يداً تمتد إليه بكل العنفوان المحفوظ فتجنبه حرجاً لا يليق به..

يتحدثون عن (أخلاق اللصوصية) والأجدر بنا أن نؤسس لثقافة جديدة ترفع الغبن عن المحتاج دون أن تجرده من أي ذرة كبرياء أو عنفوان, وبطريقة لا يعرف من أين هبّت عليه نسائم الخير..

مناسبة هذه المقدمة أن قريباً شرح لي باكياً ما تعرض له.. هذا القريب انقلبت به الدنيا من (شامخ عالٍ إلى خفضٍ), اتصل به أحد الميسورين وسأله إن كان في البيت لأنه سيأتيه محملاً بـ (العطايا)..

في اليوم التالي, حضر هذا (المتفضّل) , فتح له (صديقنا) الباب..

مطّ (المتفضّل) عنقه من فوق صاحب البيت باحثاً عن مزيد من (المتفرجين) وحين لم يرَ أحداً سأل: أين أم إبراهيم… أين الأولاد؟ لا أرى أحداَ منهم..

خرجت أم إبراهيم على هدير (النعمة الآتية) لتكثر من (التشكرات) لهذا (الآدمي المنّان) ..

في اليوم التالي لوصول (الإهانة) إلى صديقنا, اتصل المتفضل إياه وسأله: إن شاء الله (أعجبوكم)؟

لم يكن أمام صاحبنا إلا المزيد من الرضوخ لـ (الحاجة الرعناء) وللمتفضل (الكريم اللئيم)!

ما أهدره صديقنا من دمع (على قلّته) يختصر معاناة الكرام في حضرة اللئام الذين تجلببوا بـ (العطاء)!

نعيش معاناة حقيقية… نسبة قليلة لا تشعر بها, لكن السواد الأعظم منّا تطحنه تفاصليها, فهل نخفف معاناة الأزمة بأخلاقها, و هل يحضر (رجالها) في الوقت المناسب؟

القسم الأكبر منّا يعاني, وأغلبنا يفضّل المعاناة على (الإهانة) مهما حاول البعض تجميلها..

ستُفرج إن شاء الله, و لن نسامح من حاول قبض ثمن (جميله) من غنى روح محتاج!

غانم محمد

تصفح المزيد..
آخر الأخبار